hakim المدير
عدد المشاركات : 812 تاريخ التسجيل : 10/08/2008
| موضوع: الغيرة و الحسد أعود بالله منهما الأربعاء ديسمبر 08, 2010 8:09 am | |
| بسم الله الرحمان الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله
هناك خلط ما بين الغيرة والحسد، فكن غيوراً ولا تكن حسوداً، فحينما أرى ما بيد فلان من مال أو علم أو خلق مما يميزه عني ويرفعه، وأتمنى أن أصبح مثله ويكون بيدي مثل ما بيده، أحصله بالجهد والعمل والمثابرة، أكون غيوراً، وهذا الإحساس حميد ومحمود يدفع إلى زيادة العمل والجهد المبذول للوصول، أما عندما أتمنى ما عنده عندي وأتمنى زوال النعمة عنه وانتقالها إليّ دون أن أبذل ما بذل ودون أن أكون مؤهلاً لذلك، فذاك هو الحسد، والحاسد دائماً في قلق وتعب ونصب واعتراض على حكم الله مع غياب الحكمة من أن ذاك معه ولديه وأنا (لا فوقي ولا تحتي)!! والحسود في العادة حتى لو اصبح لديه مثل المحسود فإن ذلك لا يريح قلبه ولا يهدئ روعه ولا يسكن نفسه، لأن راحته لا تكون إلا بزوال النعمة عن ذاك الشخص مع حصوله على مثل ما لديه وربما أكثر، لذلك الحاسد مثل النار إذا لم يجد ما يحرق فإنه يحرق نفسه، وقد قالها سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه (لله در الحسد ما أعدله، بدأ بصاحبه فقتله)، والحسد لا يكون في المال والعقار والعلم، وإنما بما أنعم الله على الإنسان من جمال ووسامة وذكاء وتواضع وبساطة وحلم ورضاء، فأصحاب هذه الصفات عرضة للعين والحسد والحقد، مع أنها هبة من الله عز وجل خص بها بعضاً من عباده دون غيرهم. وقد أمر الله سبحانه وتعالى رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من الحاسد ومن شره (ومن شر حاسد إذا حسد) بقرآن يتلى إلى يوم القيامة لاجتناب خطره المدمر على الأمة والخلق والعباد، ذلك لأنه مرض خطير جداً ويفتك بكل شيء تقع عليه عينه أو تسمع به أذنه، فيطلق سهامه السامة إليه ولا يرضى إلا بتدميره تدميراً كاملاً. وهناك فرق بين الإصابة بالعين والحسد، فالعين تمس الجميل وخفيف الدم وما يهفو إليه القلب، بالحب أحياناً، فيحدث أن يصيب الأب أو الأم ابنهما بالعين كلما قفز القلب إليه فرحاً وسروراً، خلاف الحسد الذي يشبه القتل مع سبق الإصرار والترصد!! قال الشاعر: (إذا ما نعمة حصلت لغيري، شكرت كأن لي فيها نصيباً) فأين هذا الكلام الجميل والرائع من الحسد؟ إنه يشكر أي نعمة تحل على غيره، ذلك لأنه يحس أن له في تلك النعمة نصيب، فالنعمة من الله عز وجل، والذي أنعم على غيرك ممكن أن ينعم عليك، وما أصابك من الله هو خير، فإن أصابك بخير فحمدت فذلك خير وإن أصابك بشر فصبرت فذلك خير.. وهذه أحوال المؤمن!! ولسان المؤمن كلما رأى شيئاً قال: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وما شاء الله وعلى بركة الله. إنه لا ينسب لنفسه شيئاً، وكل الأشياء لله تعالى، حتى إن رأى جماهة أو بلاء حل بإنسان قال (اللهم أعنه على ما ابتليته، ولك الحمد على ما عافيتني مما ابتليته) ولا يقول (بتستاهل)، (خرجك) (الله لا يردك).. وما إلى ذلك فالتشفي بالمصيبة والابتلاء لا يقل سوءاً عن الحسد، ويغيب عن بالك أن الله قادر على رفع ما به ووضعه بك، أو ابتلائك ببلوة أكبر من بلوته!! فماذا نفهم نحن وماذا ندري؟ ذات مرة كان محسن يحسن على إنسان ويوفر له كل مقومات الحياة من مال ومتاع ولباس ومسكن، وكل ما يحتاج إليه، فكأن الله سبحانه وتعالى سخر هذا الإنسان الطيب المعطاء لذلك الإنسان ليكون سبباً لما هو فيه، وذات يوم يدعو الله أن يزيل النعمة عن ذلك الرجل حتى لو صار مصيره إلى الهلاك وزالت كل النعم التي قدمها له! فصرخ إبليس في قومه وقال: إذا أردتم معرفة من هو أسوأ وأحقد وأضغن مني فانظروا إلى ذلك البشر!! فلقد جعله الحسد أسوأ من إبليس ورهطه!! كم من حاسد يعترض على نعمة الله عز وجل، وكم من حاقدين يصوبون إلى أولي النعمة عيونهم شاخصة أبصارهم إليهم بالشر، لتزول عنهم النعمة ويذهب الخير إلى غير رجعة؟ أزعم أني غير حاسد، وغني أحب الخير للناس، ،غني راضٍ وقانع بما رزقني الله شاكر له النعمة وأطلب منه عز وجل أن يثبت قلبي وقلوبنا على الإيمان ويزيل منها بالنور الظلام. | |
|