تتحول قسنطينة كبرى مدن شرق الجزائر مطلع العام المقبل الى ورشة لترميم سبعة جسور تربط بين ضفتي وادي الرمال الذي يشقها الى نصفين. حيث أعلنت مديرية الاشغال العمومية في الولاية أول من أمس أن كل التدابير رتبت لانجاح العملية.
المخطط هذا هو الأهم من نوعه، وسيمكن حسب مصمميه من تمديد عمر الجسور عقودا اخرى واستمرار التواصل بين طرفي المدينة. وسيجري تغيير وتجديد وصلات الحواف ووضع دعائم إضافية متنوعة بحسب نمط كل جسر. وتتنوع جسور قسنطينة وتتفاوت في الطول والارتفاع وطريقة هندستها، وتعد أهم معالم المدينة المعمارية ورمزها حتى انها سميت مدينة الجسور المعلقة.
فجسر سيدي راشد هو أطولها بمسافة تمتد على 447 مترا وارتفاع 105 امتار وغرضه 12 مترا، ويعتبر أضخم جسر حجري في العالم تحمله 27 قوسا يبلغ قطر أكبرها 70 مترا، وقد أطلق عليه هذا الاسم تبركا بالولي الصالح سيدي راشد، الذي يرقد في قبر بني حوله مسجد يقع تحت الجسر مباشرة، أما جسر سيدي مسيد فهو الأعلى والاشهر وتحمله حبال معدنية تثبته الى دعائم عملاقة بنيت على الصخر لذلك سمي ايضا قنطرة الحبال و الجسر المعلق. طوله 168 مترا وارتفاعه 175 مترا وقد دشن العام 1912 في احتفالات غير مسبوقة بالمدينة.
وأقدم جسور المدينة جسر باب القنطرة وقد بني في 1792 من قبل حكم البايات، وتعرض للهدم بعد احتلال الفرنسيين للمدينة عام 1836 ثم أعادوا بناءه العام 1863. ويبلغ طوله 128 مترا وارتفاعه 125مترا. وتنفرد قسنطينة بخاصيات لا تتوفر في أي مدينة اخرى في العالم.
فقد بناها مؤسسوها على صخرة عملاقة تمتد على عشرات الكيلومترات المربعة، صدعتها عوامل الطبيعة في زمن غابر وشقتها الى نصفين يعبر وادي الرمال السحيق وسطها بعمق يصل إلى 200 متر.
وقد عرفت قسنطينة كمدينة قبل 2500 عام عندما كانت عاصمة لدولة نوميديا البربرية، وتعاقبت عليها حضارات كثيرة بداية بالفنيقيين ثم الرومان والوندال والبزنطيين والعرب المسلمين فالعثمانيين والفرنسيين.
وهي اليوم من أهم مدن الجزائر وأكثرها خصوصية تسمى عاصمة الشرق الجزائري أو مدينة العلوم للعدد الكبير من المدارس، التي انتشرت بها عبر القرون، ولكونها مسقط رأس العلامة الشيخ عبد الحميد ابن باديس أشهر علماء الجزائر وباعث نهضتها الحديثة بتخريج دفعات من المتعلمين في زمن الاحتلال الفرنسي.