لو كان موسى بيننا لتبرَّأ من توراة اليهود !
لِماذَا ؟! لِأنَّها ببساطة ليست هي التَّوراة المذكورة في القرآن , والتي أنزلَها اللَّهُ عليه ! وسأعرض عليك , سيِّدتي الكريمة , سيِّدي الكريم , فيما يلي العديد من الأدلَّة على ذلك , مع ملاحظة أنَّ التّرجمة العربيَّة لِنُصوص الكتاب المقدّس التي سنَستشهدُ بها في هذا الكتاب , مأخوذة كلُّها من موقع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] , أي ترجمة النَّصارى أنفُسهم لِكِتابهم المقدَّس :
جاء في سفْر التَّثنية : فَماتَ هناكَ موسَى عَبْدُ الرَّبّ في أرض مُوآب حَسبَ قَوْل الرَّبِّ . ودفَنَه في الجِوَاء في أرض مُوآب مُقَابل بَيْت فَغُور , ولَمْ يَعرفْ إنسانٌ قَبْرَه إلى هذا اليَوم . وكان مُوسَى ابنَ مائة وعشرين سنة حينَ ماتَ , ولَم تَكِلْ عَينُه ولا ذهبتْ نَضارتُه . فَبَكَى بَنُو إسرائيل مُوسَى في عَربات مُوآب ثلاثينَ يومًا , فكملتْ أيَّامُ بُكاء مَناحة مُوسَى . (سفْر التّثنية – الإصحاح الرّابع والثّلاثون 5 –
.
المعروفُ أنَّ التَّوراة أُنزلتْ على موسَى عليه السّلام في حياته . فهل يُعقَل إذًا أن يكون فيها خبرٌ , في الماضي وليس تنبُّؤ في المستقبل , أنَّك يا موسى قد مُتَّ ابن مائة وعشرين سنة , ودُفنتَ في أرض مُوآب , وبَكَى عليكَ بَنُو إسرائيل ثلاثين يَومًا ؟!
طبعًا لا يُعقَل ! وإنّما الأقرب إلى العقل أنَّ هذا الكلام كتبهُ إنسانٌ بعد وفاة موسى عليه السَّلام ودَفْنه وبُكَاء بني إسرائيل عليه . ولو كان هذا الأمر معقولاً , لَأصبح إذًا من المعقول أيضًا أن تكتبَ أنت في مذكِّراتك الشَّخصيَّة مثلاً : أنا متُّ عن سنِّ مائة سنة , ودُفنتُ في مكان كذا , وسنة 7000 م وقع كذا وكذا !!
وجاء في سفْر العدد : وأمَّا الرَّجلُ مُوسَى فكانَ حليمًا جدًّا , أكثر من جميع النَّاس الذين على وجه الأرض . (سفْر العدد – الإصحاح الثّاني عشر 3) .
فهذا الثَّناءُ على موسى عليه السَّلام جاء بصيغة الماضي , وبالتَّالي ليس من المعقول أن يكون قد أوحيَ إليه في حياته من طرف اللَّه عزَّ وجلَّ ! وإنَّما المنطقُ يقول أنَّ هذا الكلام كتبه إنسانٌ بعد وفاة موسى عليه والسّلام , يَمدحُ فيه حِلْمَه .
وجاء في سفْر التّكوين : فلمَّا سمع أبرامُ أنَّ أخاه سُبِيَ , جَرَّ غِلْمانَه المتمرِّنين ولْدانَ بيته ثلاث مائة وثمانية عشر وتَبعَهُم إلى دان . (سفْر التّكوين – الإصحاح الرّابع عشر 14) .
وهذا الكلام لا يُمكنُ أن يكون أوحيَ على موسى عليه السَّلام , لأنَّ مدينة دان لم تُسَمَّ بهذا الاسم إلاَّ في عهد القُضاة , أي بعد وفاة موسى بأكثر من قرن ! والدَّليل على ذلك ما ذُكِر في سفْر القُضاة : ولَم يكُنْ مَن يُنقِذُ لأنَّها بعيدةٌ عن صيدُون , ولَم يكُن لهم أمرٌ مع إنسان وهي في الوادي الذي لِبَيْت رَحُوب . فَبَنَوا المدينة وسكَنُوا بها . ودَعوا اسمَ المدينة دانَ , باسْم دان أبيهم الذي وُلِدَ لإسرائيل . ولكنَّ اسمَ المدينة أوَّلاً لاَيش . (سفْر القضاة – الإصحاح الثَّامن عشر 28 – 29) .
وجاء في سفْر التّكوين , في قصَّة نوح عليه السّلام , أنَّ اللَّه أمَره أن يحمل معه في السَّفينة مِن كلِّ حَيٍّ زوجَيْن اثنين , ذكرًا وأنثَى : ولكن أقيمُ عهدي معكَ , فتدخلُ الفُلكَ أنتَ وبَنُوكَ وامرأتُكَ ونساءُ بنيكَ معكَ . ومن كلِّ حَيٍّ من كلِّ ذي جَسَدٍ اثْنَيْن من كُلٍّ تُدخِلُ إلى الفُلْك لاسْتِبْقائها معكَ , تكونُ ذكرًا وأنثَى . منَ الطُّيُور كأجْناسها ومنَ البهائم كأجناسها ومن كلِّ دبَّابات الأرض كأجناسه , اثْنَيْن من كُلٍّ تُدخِلُ إليكَ لِاسْتِبْقائها . (سفْر التّكوين – الإصحاح السّادس 18 – 20) .
ولكن جاء في نفس السِّفْر أنّ اللّهَ أمرَ نوحًا أن يحمل معه في السَّفينة من الطُّيور والبَهائم سبعة أزواج , وليس زوجَيْن اثنين : وقالَ الرَّبُّ لِنُوح : ادخُلْ أنتَ وجميع بيتكَ إلى الفُلْك لِأنِّي إيَّاكَ رأيتُ بارًّا لَديَّ في هذا الجيل . من جميع البَهائم الطَّاهرة تأخذُ معكَ سبعةً سبعةً , ذكَرًا وأنثَى , ومن البهائم التي ليستْ بطاهرَة اثْنَيْن : ذكَرًا وأنثَى . ومن طُيُور السَّماء أيضًا سبعةً سبعةً : ذكَرًا وأنثَى , لِاسْتِبْقاء نَسْلٍ على وَجْه كُلِّ الأرض . (سفْر التّكوين – الإصحاح السّابع 1 – 3) .
وهذا تناقض واضحٌ بين النُّصوص !
وجاء في سفْر الخروج أنَّ الإنسان لا يقدرُ أن يرى اللّه تعالى : وقال (أي اللَّهُ تعالى لِمُوسَى) : لا تقدر أن تَرَى وَجْهي لِأنّ الإنسانَ لا يَراني ويَعيش . (سفْر الخروج – الإصحاح الثّالث والثّلاثون 20) .
ولكن جاء في نفس السِّفْر أنَّ موسى وشيُوخ إسرائيل رأوا اللّه : ثمَّ صعدَ موسَى وهارونُ ونادابُ وأبيهُو وسبعُون من شُيُوخ إسرائيل . ورأوا إلَهَ إسرائيلَ وتحتَ رجْلَيْه شِبْهُ صَنعةٍ من العقيق الأزرق الشَّفَّاف وكذَاتِ السَّماء في النَّقاوة . (سفْر الخروج – الإصحاح الرّابع والعشرون 9 – 10) .
فأيُّ النَّصَّين أصحّ ؟!
حتَّى الأسفار التي ينسبُها اليهود إلى بعض أنبيائهم , تضمَّنتْ أيضًا تناقضات بين النُّصوص !
فقد جاء مثلاً في سفْر حزقيال : لِأجْل ذلك هكذا قال السَّيِّدُ الرَّبُّ : من أجْل أنَّكم ضججْتُم أكثر من الأمَم التي حَوالَيْكُم ولَم تسلُكُوا في فرائضي , ولَم تعملُوا حسبَ أحكامي ولا عملْتُم حسبَ أحكام الأمَم التي حوالَيْكُم . (سفْر حزقيال – الإصحاح الخامس 7) .
ولكن جاء في نفس السِّفر : فتعلَمُون أنِّي أنا الرَّبُّ الذي لَم تسلُكُوا في فرائضه ولَم تعملُوا بأحكامه , بل عملتُم حسبَ أحكام الأمَم الذين حولَكُم . (سفْر حزقيال – الإصحاح الحادي عشر 12) .
فهل عملَ بَنُو إسرائيل حسب أحكام الأمَم المجاورة أم لم يعملُوا ؟!
وجاء في سفْر صموئيل الثّاني : ولَم يَكُنْ لِميكالَ بنْتِ شاوُل وَلدٌ إلى يَوم موتها . (صموئيل الثَّاني – الإصحاح السَّادس 23) .
ولكن جاء في نفس السِّفْر : فأخذَ الملِكُ ابْنَيْ رصْفَة ابنَة أيَّة اللَّذَيْن ولَدَتْهُما لِشَاوُل : أرموني ومَفِيبُوشَث , وبَنِي مِيكالَ ابنَة شَاوُل الخمسَة الذين وَلَدَتْهُم لِعَدْرئيلَ بن بَرزلاّي المحوليّ . (صموئيل الثّاني – الإصحاح الحادي والعشرون
.
فهل كان لِميكالَ بنت شاوُل أولاد أم لا ؟!
وتضمَّنت هذه الأسفار أيضًا ذكْر أحداثٍ , بصيغة الماضي , وقعَتْ بعد وفاة النَّبيِّ الذي يُنسبُ إليه السِّفْر !
فقد جاء مثلاً في سفْر النَّبيِّ يشوع بن نون , وصيّ موسى , عليهما السَّلام : وكانَ بعدَ هذا الكلام أنّه ماتَ يَشُوع بن نُون عبدُ الرَّبِّ ابن مائة وعَشر سنين . فدفنُوه في تُخُم مُلْكه , في تِمْنَة سارح التي في جَبَل أفْرايم شمالي جَبَل جاعش . (سفْر يشوع – الإصحاح الرّابع والعشرون 29 – 30) .
فكيف يمكنُ أن يكتُبَ يَشُوع عن نَفْسه أنّه ماتَ وعمرُه مائة وعشر سنين , ودُفِنَ في مكان كذا ؟!
وجاء في سفْر صموئيل الأوَّل : وماتَ صموئيلُ , فاجتمعَ جميعُ إسرائيل ونَدبُوه ودفنُوه في بَيْته في الرَّامَة , وقامَ داوُد ونزلَ إلى بَريَّة فارَان . (سفْر صموئيل الأوَّل – الإصحاح الخامس والعشرون 1) .
فكيف يُعقل أن يَكتُب النَّبيُّ صموئيل عن نفسه أنَّه مات ودُفن ؟! وإذا كان خبرُ موته قد ذُكِر في السِّفر الأوَّل , فمَن أَكملَ كتابة هذا السِّفْر ؟! ومَن كتبَ السِّفْر الثّاني الذي يُنسبُ أيضًا لهذا النَّبيّ ؟!
وتبقى الأمثلة كثيرة في هذا المجال .
ولو أنَّكَ سيِّدي سألتَ اليهود عن مصدر التَّوراة التي بين أيديهم اليوم , لَقالُوا جميعًا أنّها كلامُ اللَّه أنزلهُ على موسى عليه السَّلام ! لكن لو سألتَهُم كيف شقَّتْ طريقها عبر آلاف السِّنين حتّى وصلَتْ إليهم بأمانة , دون أيِّ تحريف ؟ ومَن الذي نسخَها عن مَن , حتَّى نصل إلى موسى عليه السَّلام ؟ وما ردُّكم على التّناقضات الواضحة التي تحتوي عليها ؟ لَما وجدتَ أحدًا يُجيبُك عن هذه الأسئلة ! وإن أجابك البعضُ , فستجد إجاباتهم متناقضة جدًّا , ولا ترتكز على عقل ولا منطق !
---------------------- 5
ولو كان موسى بيننا لتبرَّأ من اليهود !
لِماذَا ؟! لأنَّهم نسبُوا النّقائص إلى اللَّه سُبحانه , واتَّهموا أنبياءه بالزِّنا وشُرب الخمر , وحرَّفُوا التّوراة وأضافُوا إليها أكاذيب تقشعرّ منها الأبدان , وادَّعَوا أنَّ كلّ ذلك وحيٌ من عند اللَّه ! وسأعرض عليك , سيِّدتي الكريمة , سيِّدي الكريم , فيما يلي العديد من الأدلَّة على ذلك :
أمَّا الأكاذيب على أنبياء اللَّه , فقد جاء في سفْر التّكوين : وصَعدَ لُوط من صُوغَر , وسكنَ في الجبَل وابْنَتاه معه لأنَّه خافَ أن يسكُنَ في صُوغَر . فسكنَ في المغَارة هو وابْنتاهُ . وقالت البكْرُ للصَّغيرة : أبُونا قد شاخَ وليسَ في الأرض رجلٌ لِيَدخُلَ علينا كعادة كلِّ الأرض . هلُمَّ نَسْقِي أبانَا خَمْرًا ونَضْطجع معه فَنُحْيِي مِنْ أبينَا نَسْلاً . فَسَقَتَا أبَاهُما خَمْرًا في تلكَ اللَّيلة , ودخلَت البِكْرُ واضْطَجَعَتْ مع أبيها ولَمْ يَعْلَمْ باضْطِجاعِها ولا بقِيَامها . وحدثَ في الغَد أنَّ البكْرَ قالتْ للصَّغيرة : إنِّي قد اضْطَجَعتُ البارحةَ مع أبي , نَسْقِيه خَمْرًا اللَّيلَة أيضًا , فادْخُلي اضْطَجِعِي معه فَنُحْيِي مِنْ أبينَا نَسْلاً . فَسَقَتَا أباهُما خَمْرًا في تلكَ اللَّيْلَة أيضًا , وقامَت الصَّغِيرة واضْطَجعَتْ معه ولَم يَعْلَم باضْطِجاعِها ولا بِقِيَامِها . فحَبَلَت ابْنَتَا لُوطٍ مِنْ أبيهِما . فوَلَدَت البكْرُ ابْنًا ودَعَت اسْمَهُ مُوآب , وهو أبُو الموآبِيِّين إلى اليَوم . والصَّغيرةُ أيضًا ولَدَت ابْنًا ودَعَت اسْمَهُ بنْ عَمِّي , وهو أبُو بَني عَمُّونَ إلى اليَوم . (سفْر التّكوين – الإصحاح التّاسع عشر 30 - 37) .
سُبحان اللّه ! هل تُصدِّق سيِّدي الكريم أنَّ النَّبيَّ لوطًا عليه السَّلام الطَّاهر العفيف , يشربُ خمرًا ثمَّ يزني بابْنَتَيْه , فيُنجِبان له ولَدَين , ثمَّ يفضحُ اللَّه تعالى نبيَّه هذا في التَّوراة المقدَّسة !!
واللَّهِ إنَّ هذا لكذبٌ وافتراءٌ على اللَّه تعالى وعلى نبيِّه الطَّاهر الشَّريف . ويكفي لوطًا فخرًا أنَّ اللَّهَ تعالى شهد له في القرآن الكريم بأنَّه كان من الصَّالحين , يقول تعالى : { وَلُوطاً آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ تَعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ 74 وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ 75 } (21- الأنبياء 74-75) .
وجاء في سفْر التّكوين : فأُخْبِرَتْ ثَامار : هُوَ ذَا حَمُوكِ صاعدٌ إلى تِمْنَة لِيَجُزَّ غَنَمَهُ . فخَلعَتْ عنها ثِيَابَ تَرَمُّلِها وتَغطَّتْ ببُرْقُع وتلَفَّفَتْ , وجلَسَتْ في مَدْخَل عَيْنَايم التي على طريق تِمْنَة , لِأنَّها رأتْ أنَّ شِيلَة قَد كَبُرَ وهي لَم تُعْطَ له زوجة . فنَظَرها يَهُوذَا وحَسِبَها زانِيَة لِأنَّها كانتْ قد غَطَّتْ وَجْهها . فَمالَ إليْها على الطَّريق وقال : هاتِي أدخُلْ علَيْكِ , لِأنَّه لَم يَعلَمْ أنَّها كنَّته , فقالتْ : ماذا تُعْطِيني لِكَيْ تَدْخُلَ علَيَّ ؟ فقالَ : إنِّي أُرْسلُ جَدْيَ مِعْزَى مِنَ الغَنَم , فقالتْ : هلْ تُعْطيني رَهْنًا حتَّى تُرْسِلَه ؟ فقالَ : ما الرَّهْنُ الذي أعْطِيكِ ؟ فقالتْ : خاتمكَ وعِصابتك وعصاكَ التي في يَدِك , فأعطاها , ودخلَ عليْها , فحَبَلَتْ منه . (سفْر التّكوين – الإصحاح الثّامن والثّلاثون 13– 18) .
فهل يُعقَل سيِّدتي الكريمة أن يحكي اللَّه تعالى على صفحات كتابه المقدَّس كيف يزني الأبُ بزوجة ابنه ؟!! هل يُعقل أن تكون هذه هي التَّوراةُ التي وصفها اللَّهُ في القرآن الكريم بأنَّ فيها هُدًى ونُورًا ؟!
أبدًا , لا يُعقل ! ولا يُمكنُ لأيِّ عاقل أن يُصدِّق أنَّ هذا الكلام وحيٌ من عند اللَّه .
وجاء في سفْر التّكوين : وابتدأ نُوح يكونُ فلاَّحًا وغرَسَ كَرْمًا . وشربَ من الخمْر فسَكرَ وتَعرَّى داخلَ خبائه . فأبصرَ حامٌ أبُو كَنْعان عَوْرةَ أبيه وأخبرَ أخَوَيْه خارجًا . فأخذَ سامٌ ويافَثُ الرِّداء ووضعاهُ على أكتافهما , ومَشَيَا إلى الوراء وسَتَرَا عَوْرةَ أبيهما ووجهاهُما إلى الوراء , فلم يُبصِرا عَوْرةَ أبيهما . فلمَّا استيقظَ نوحٌ من خَمره علمَ ما فعلَ به ابنهُ الصَّغير . فقالَ : مَلعونٌ كَنعانُ , عبدُ العبيد يكونُ لإخوته . وقال : مُباركٌ الرَّبُّ إلهُ سام , ولْيَكُنْ كنعانُ عبدًا له . (سفْر التّكوين – الإصحاح التّاسع 20 – 26) .
فهل يُعقل أن يَشرب نوحٌ عليه السَّلام الخمر ويتعرَّى , ثمَّ يفيقُ ويعلمُ بِمَا فعل ابنُه حام , فيصُبُّ غضبه على كنعان (ابن حام) , الذي ليس له أيّة علاقة بالأمر ؟!!
واللَّهِ إنَّ كلّ هذا لَكذبٌ وافتراء على نبيّ اللَّه نوح عليه السَّلام ! وأين هذا من تكريم اللَّه سُبحانه لِنُوح في القرآن الكريم , حيث يقول تعالى : { وَلَقَدْ نَادَانَا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ 75 وَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ 76 وَجَعَلْنَا ذُرِّيَّتَهُ هُمُ الْبَاقِينَ 77 وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ 78 سَلامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ 79 إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ 80 إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ 81 ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ 82 } (37- الصّافّات 75-82) .
وجاء في سفْر العدد : فلمَّا سمع موسَى الشَّعبَ يبكونَ بعشائرهم , كلُّ واحد في باب خَيمته وحَميَ غضبُ الرَّبِّ جدًّا , ساء ذلكَ في عَيْنَيْ موسَى . فقال موسَى للرَّبّ : لِماذَا أسأتَ إلى عبدِكَ , ولِماذَا لَم أجِدْ نِعمَة في عَيْنَيْكَ حتّى أنَّكَ وضعتَ ثِقْلَ جميع هذا الشَّعب عَلَيَّ ؟ ألَعَلِّي حبلْتُ بجميع هذا الشّعب أو لَعَلِّي ولدتُه حتَّى تقولَ لي احْمِلْهُ في حِضنكَ كما يحملُ المربِّي الرَّضيعَ إلى الأرض التي حلفْتَ لِآبائه ؟ من أينَ لي لَحمٌ حتَّى أعطي جميعَ هذا الشّعب لأنَّهم يبكونَ عَليَّ قائلين : أعطِنَا لَحمًا لِنأكُلْ . لا أقدرُ أنا وحدي أن أحملَ جميعَ هذا الشّعب لأنَّه ثقيلٌ علَيَّ . فإن كنتَ تفعلُ بي هكذَا فاقْتُلْني قتلاً إن وجدتُ نِعْمَة في عَيْنَيْكَ فلا أرى بَلِيَّتي . (سفْر العدد – الإصحاح الحادي عشر 10 - 15) .
حتَّى موسَى عليه السَّلام , أعظم أنبياء بني إسرائيل , لَفَّق له اليهودُ هذا الكلام الذي فيه إساءة أدَب في الحديث إلى اللَّه , وهو منه براء !!
وجاء في سفْر الخروج : ولَمَّا رأى الشَّعبُ أنَّ موسَى أبطأ في النُّزول من الجبل , اجتمع الشَّعبُ على هارون وقالُوا له : قُم اصنعْ لنا آلهةً تسيرُ أمامنا لأنَّ هذا موسَى الرَّجل الذي أصعَدَنا من أرض مَصْر لا نعلمُ ماذا أصابَه . فقالَ لهم هارون : انزعُوا أقراطَ الذَّهب التي في آذان نسائكُم وبَنيكُم وبناتكُم وأتُونِي بها . فنزعَ كلُّ الشّعب أقراطَ الذَّهب التي في آذانهم وأتوا بها إلى هارون . فأخذ ذلكَ من أيديهم وصَوَّره بالإزميل وصَنعه عِجْلاً مَسْبُوكًا , فقالُوا : هذه آلِهتُكَ يا إسرائيلُ التي أصعدتكَ من أرض مصر . (سفْر الخروج – الإصحاح الثّاني والثّلاثون 1 – 4) .
فهل يُعقَل أن يُتَّهَم هارون عليه السَّلام بأنَّه هو الذي صنع لِبَني إسرائيلَ عجلاً من الذَّهب لِيَعبُدوه ؟!! حاشَى له وكلاَّ أن يفعل ذلك !
ونكتفي بمثال واحد من الأسفار التي ينسبُها اليهود إلى أنبيائهم : جاء في سفْر صموئيل الثَّاني : وكانَ في وقْت المساء أنَّ داوُد قامَ عن سريره وتَمشَّى على سطح بيت الملِك , فرأى مِنْ على السَّطح امرأةً تَستحِمُّ , وكانت المرأةُ جميلَةَ المنظر جدًّا . فأرسلَ داوُد وسألَ عن المرأة , فقال واحدٌ : أليسَتْ هذه بَتْشَبَع بِنْت أليعَام امرأةَ أوريَّا الحِتِّي . فأرسلَ داوُد رُسُلاً وأخذَها , فدخلتْ إليه فاضطجعَ معها وهي مُطَهَّرةٌ من طَمْثِها , ثمَّ رجعتْ إلى بيتها . وحبلَت المرأةُ , فأرسلَتْ وأخبرتْ داوُد وقالتْ : إنِّي حُبْلَى . فأرسلَ داوُد إلى يُوآب يقول : أرسلْ إلَيَّ أوريَّا الحِتِّي , فأرسلَ يُوآب أوريَّا إلى داوُد . فأتَى أوريَّا إليه , فسألَ داوُد عن سلامة يُوآب وسلامة الشَّعب ونَجاح الحرْب . وقالَ داوُد لِأوريَّا : انزلْ إلى بيتكَ واغسلْ رجْلَيكَ . فخرجَ أوريَّا من بيت الملِك , وخرجتْ وراءهُ حِصَّة من عند الملِك . ونامَ أوريَّا على باب بيت الملِك مع جميع عبيد سيِّده , ولَم ينزلْ إلى بيته . فقالُوا لِداوُد : لَم ينزلْ أوريَّا إلى بيته . فقالَ داوُد لِأوريَّا : أمَا جئتَ من السَّفر ؟ فلماذَا لَم تنزلْ إلى بيتكَ ؟ فقال أوريَّا لِداوُد : إنَّ التَّابُوتَ وإسرائيل ويَهُوذا ساكنُون في الخيام , وسيِّدي يُوآب وعبيدُ سيِّدي نازلُون على وجه الصَّحراء , وأنا آتي إلى بيتي لِآكُلَ وأشربَ وأضطجع مع امرأتي ! وحياتِكَ وحياة نفسكَ لا أفعلُ هذا الأمر . فقال داوُد لِأوريَّا : أقِمْ هنا اليومَ أيضًا , وغدًا أطْلقُك . فأقامَ أوريَّا في أورشَليم ذلكَ اليومَ وغَده . ودعاهُ داوُد فأكلَ أمامه وشربَ وأسْكَره . وخرج عند المساء لِيَضطجعَ في مَضجعه مع عبيد سَيِّده , وإلى بيته لَم ينزلْ . وفي الصَّباح كتبَ داوُد مكتوبًا إلى يُوآب وأرسلهُ بيد أوريَّا . وكتب في المكتوب يقول : اجعلُوا أوريَّا في وَجه الحرب الشّديدة , وارجعُوا من ورائه فيُضرب ويَموت . وكان في مُحاصرة يُوآب المدينة أنَّه جعلَ أوريَّا في الموضع الذي علِمَ أنَّ رجالَ البأس فيه . فخرج رجالُ المدينة وحاربُوا يُوآب , فسقطَ بعضُ الشَّعب من عبيد داوُد , ومات أوريَّا الحِتِّي أيضًا . (سفْر صموئيل الثّاني – الإصحاح الحادي عشر 2 – 17) .
نعم , هكذا يجترِئُ أحبارُ اليهود على أنبياء اللَّه , ويُلْصِقُون بهم أكبر الفواحش , وهم منها بَراء , ويَنشرون هذه الفضائح على صفحات كتابهم المقدَّس , ويدَّعون أنَّ كلَّ ذلك وحيٌ من عند اللَّه !!
فهل يُعقَل أن يزني النَّبيُّ داوُد عليه السَّلام بزوجة أحد جنوده الذي خرج للحرب , ثمَّ يُدبِّر مكيدة لِقتل هذا الجنديّ حتَّى لا يفتضح الأمر ؟!
هل يُعقَل أن تكون هذه أخلاقُ أنبياءٍ اصطفاهُم اللَّهُ من بين خلْقه ليحملُوا رسالاته ويكونُوا قُدوة للنَّاس ؟!!
أبدًا , لا يُعقل ! فالأنبياء جميعُهم , بدون استثناء , هم صَفْوةُ البَشَر , وكانُوا على أفضل خُلُق , وقد شهد اللَّه تعالى لهم بذلك في آيات عديدة من القرآن الكريم .
وأمَّا الأكاذيبُ على اللَّه تعالى , فقد جاء في سفْر التّكوين : وفرغَ اللَّهُ في اليوم السَّابع من عَمَله الذي عَمل . فاستراح في اليوم السَّابع من جميع عَمَله الذي عَمل . وباركَ اللَّهُ اليومَ السَّابع وقدَّسهُ لأنَّه فيه استراح من جميع عَمَله الذي عمل اللَّهُ خالقًا . (سفْر التّكوين – الإصحاح الثّاني 2 – 4) .
فهل يُعقَل أنَّ خالق هذا الكون بِما فيه , يتعبُ مثل البشَر ويحتاج إلى الرَّاحة بعد ستَّة أيَّام من العمل المتواصل ؟!! أبدًا , لا يُعقل !
وجاء في سفر التّكوين أيضًا : ورأى الرَّبُّ أنّ شَرَّ الإنسان قد كثُر في الأرض , وأنّ كلَّ تَصَوُّر أفكار قَلبِه إنَّما هو شِرِّيرٌ كلَّ يوم . فحزنَ الرَّبُّ أنَّه عملَ الإنسانَ في الأرض وتأسَّف في قلبه . فقال الرَّبُّ : أمْحُو عن وجه الأرض الإنسانَ الذي خَلَقْتُه : الإنسان مع بهائم ودبَّابات وطيور السَّماء لأنِّي حزنتُ أنِّي عملْتُهم . (سفْر التّكوين – الإصحاح السّادس 5 – 7) .
فهل يُعقَل أنَّ خالق هذا الكون بِما فيه , والعليم بما كان وما سيكون , يحزن ويتأسَّف ويندم أنَّه خلق الإنسان ثمَّ يُقرِّر مَحوه عن وجه الأرض ؟!! أبدًا , لا يُعقل !
وجاء في سفْر الخروج : وقالَ الرَّبُّ لِمُوسى وهارون في أرض مصر ... فإنِّي أجتازُ في أرض مصر هذه اللَّيلة , وأضربُ كلَّ بكْر في أرض مصر من النَّاس والبهائم , وأصنعُ أحكامًا بكلِّ آلهة المصريِّين , أنا الرَّبّ . ويكونُ لكم الدَّمُ علامة على البُيُوت التي أنتم فيها , فأرى الدَّمَ وأعبُر عنكم , فلا يكونُ عليكم ضربة للهلاك حينَ أضربُ أرضَ مصر . (سفْر الخروج – الإصحاح الثّاني عشر 1 – 13) .
أي أنَّ اللّهَ , حسبَ زعم اليهود , يحتاج أن يرى علامةَ الدَّم على بيوت بني إسرائيل , لكي لا يُخطئ ويُعاقبهم أيضًا عندما ينزل لمعاقبة المصريِّين ! تعالى اللَّهُ عَمَّا يقولون عُلُوًّا كبيرًا !!
وجاء في سفْر الخروج أيضًا : وقالَ الرَّبُّ لِموسَى : رأيتُ هذا الشَّعبَ وإذا هو شعبٌ صُلبُ الرّقَبة . فالآن اتْرُكني لِيَحمَى غضَبي عليهم وأُفنيهم فأصَيِّرَك شعبًا عظيمًا . فتضرَّع موسَى أمام الرَّبِّ إلَهه , وقال : لِماذا يا رَبّ يَحْمَى غَضَبُكَ على شعبكَ الذي أخرجْتَهُ من أرض مصر بقُوَّة عظيمة ويَدٍ شديدة ؟ لِماذا يَتكلَّمُ المصريُّون قائلين : أخرجَهُم بِخُبْث لِيَقتُلَهم في الجبال ويُفنيهم عن وجه الأرض ؟ ارجعْ عن حُمُوِّ غَضَبك وانْدَم على الشَّرِّ بشَعبك . واذكُرْ إبراهيمَ وإسحاقَ وإسرائيل عبيدَك الذين حلفْتَ لهم بنَفْسِكَ وقلتَ لهم أكَثِّرُ نسلَكُم كنُجُوم السَّماء وأعطي نسلَكُم كلَّ هذه الأرض التي تكلَّمتُ عنها فيَملكُونَها إلى الأبَد . فندمَ الرَّبُّ على الشَّرِّ الذي قال إنَّه يَفعلُه بِشَعْبه . (سفْر الخروج – الإصحاح الثّاني والثّلاثون 9 – 14) .
فهل يُعقل أنَّ اللَّه الحكيم العليم فكَّر في فعل شيء , فوَعظهُ موسَى وطلب منه العدول عن ذلك , فاتَّعظ اللَّهُ وندم على ما كان سيفعلُه ؟!! بل , هل يُعقل أن يَنسبَ اللَّهُ تعالى إلى نفسه كلَّ هذه النَّقائص , ثمَّ يُنزلُها في توراته المقدَّسة لكي يقرأها موسى على بني إسرائيل , ثمَّ تتناقلُها الأجيالُ من بعده ؟!!
طبعًا لا يُعقل ! ومع ذلك فإنَّ اليهود اليوم يقرأون هذه الأكاذيب , ويُصرُّون على أنَّها كلام اللَّه !!
وجاء في سفْر اللاَّويِّين : وقالَ الرَّبُّ لِمُوسَى : قُل لِهارون : إذا كان رجُلٌ من نَسْلِكَ في أجيالِهم فيه عيبٌ فلا يتقدَّم لِيُقَرِّبَ خُبْزَ إلَهه , لأنَّ كُلَّ رجُل فيه عيبٌ لا يتقدَّم . لا رجُلٌ أعمَى ولا أعرج ولا أفطَس ولا زوائدي . ولا رجُل فيه كَسْرُ رِجْلٍ أو كَسْرُ يَد . ولا أحدَبُ ولا أكثم ولا مَنْ في عينه بياض ولا أجْرب ولا أكْلَف ولا مَرضُوض الخصَى . كلُّ رجُل فيه عَيْبٌ مِن نَسْل هارون الكاهن لا يتقدَّم لِيُقرِّب وَقَائِدَ الرَّبّ , فيه عيبٌ لا يتقدَّم لِيُقرِّب خُبْزَ إلَهه , خُبْز إلَهه مِنْ قُدس الأقداس , ومنَ القُدْس يأكُل , لكن إلى الحجاب لا يأتي , وإلى المذبح لا يقتربُ , لأنَّ فيه عَيْبًا لِئلاَّ يُدنِّسَ مَقدسي لأنِّي أنا الرَّبُّ مُقدِّسُهم . (سفْر اللاَّويِّين – الإصحاح الحادي والعشرون 16 – 23) .
فهل يُعقل أنَّ اللَّه العادل الرَّحيم , لا يقبلُ ذبائح أصحاب الإعاقات الجسديَّة , ويَمنعهُم حتَّى من الاقتراب من المذبح بدعْوى أنَّهم نَجَس ؟!! هل يُعقل أنَّ اللَّه الحليم الكريم , ينظرُ إلى الأعمى والأعرج والأحدب ومكسور اليد أو الرِّجْل , على أنَّهم نَجَس ؟!! أيُّ افتراء هذا على اللَّه سُبحانه وأيُّ اجتراء على جلاله وعظمته ؟!!
وتضمَّنت الأسفار التي ينسبُها اليهود إلى بعض أنبيائهم أكاذيبَ أيضًا على اللَّه لا يقبلُها عقلٌ ولا منطق ! ونكتفي بذكر ثلاثة أمثلة فقط حتّى لا نُطيل :
جاء في سفْر ميخا أنَّ اللَّه تعالى قال عن نفسه : من أجل ذلكَ أنُوحُ وأُوَلْوِلُ , أمشِي حافيًا وعريانًا , أصنعُ نَحيبًا كبنات آوى , ونَوحًا كرعال النَّعام . (سفْر ميخا – الإصحاح الأوّل
.
وجاء في سفْر المزامير : فاستيقظَ الرَّبُّ كَنائِم , كجبَّار مُعَيِّط من الخمْر , فضربَ أعْداءَه إلى الوراء , جعلَهم عارًا أبديًّا . (سفْر المزامير – المزمور الثّامن والسّبعون 65) .
فهل يُعقل أن يُوصَف خالقُ السَّماوات والأرض وكلّ شيء في هذا الكون , بأنَّه يَنوح ويُوَلْولُ ويمشي حافيًا عريانًا , ويستيقظ مثل المخمور ؟!! تعالى اللّه عن قول الظّالمين عُلُوًّا كبيرًا !!
وجاء في سفر صموئيل الثّاني : هكذا قال الرَّبّ : هائَنَذَا أُقيمُ عليك الشَّرَّ من بيتكَ , وآخُذُ نساءَكَ أمام عَيْنَيْكَ وأُعطيهنَّ لِقَريبِكَ , فيَضْطجع مع نِسائكَ في عَيْن هذه الشَّمس . (سفْر صموئيل الثّاني – الإصحاح الثّاني عشر 11) .
فهل يُعقل أنَّ اللَّه تعالى يُعاقبُ داوُد عليه السَّلام بأن يأخذَ نساءَه ويُعطيهنَّ لِقَريبه لِيَزني بهنَّ !! أيّة وقاحة هذه وأيُّ بُهتان عظيم على اللَّه سبحانه ؟!!
وبالإضافة إلى الافتراءات على اللَّه تعالى وعلى أنبيائه الكرام , فقد تضمَّنت هذه الأسفار أيضًا قصصًا جنسيَّة يندَى لها جبينُ الحياء خجلاً !! وواللَّهِ إنَّ أيَّ إنسان عاقل لَيستطيع فقط بمجرَّد قراءتها أن يتيقَّن أنّها يستحيلُ أن تكون نصوصًا مُقدَّسة , وأنَّ مكانها الحقيقي هو .. كتُب الجنس !! وسأنقلُ لك سيّدي الفاضل بعض الأمثلة , وأرجو المعذرة لِقُبح ما ستقرأه , ولولا اضطراري للاستشهاد بها لَما سمحتُ لِنَفسي أن أنقلها في هذا الكتاب :
جاء في سفْر حزقيال : وكان إلَيَّ كلامُ الرَّبّ : يا ابنَ آدم , كانت امرأتَان ابْنَتَا أمٍّ واحدة , زَنَتَا بِمصْر في صِبَاهما , هناك دُغْدِغَتْ ثُدِيُّهُما , وهناك تزغْزَغَتْ ترائبُ عُذْرَتهما . واسمُها أهُولة الكبيرة وأهُوليبة أخْتُها ... ولَم تترُكْ زِنَاها من مصر أيضًا لأنّهم ضاجعُوها في صِبَاها وزغزغُوا ترائبَ عُذرتها وسكبُوا عليها زِنَاهُم ... فأتاها بَنُو بابل في مَضْجع الحُبِّ ونَجَّسُوها بزِنَاهُم , فتنجَّستْ بهم وجفَتْهُم نَفْسُها . وكشفَتْ زناها وكشفتْ عورَتها , فجَفَتْها نَفْسي كما جفتْ نَفْسي أخْتَها ... وعشقَتْ مَعشُوقيهم الذين لَحْمُهم كلَحْم الحمير ومَنِيُّهم كَمَنِيِّ الخَيْل ... (سفْر حزقيال – الإصحاح الثّالث والعشرون 1 – 21) .
فهل يُعقَل أن تأتي هذه الجُمل القذرة من اللَّه سُبحانه وتعالى ؟!!
أبدًا , لا يُعقَل !
وهل يجرؤُ رجالُ الدِّين على قراءة هذا الكلام الفاضح في المناسبات الدِّينيَّة , أمام الرِّجال والنِّساء والأطفال ؟!!
طبعًا لا يَجرؤون على فعل ذلكَ !
وجاء في سفْر الأمثال المنسُوب إلى النَّبيِّ سُلَيْمان عليه السَّلام : هَلُمَّ نَرْتَوِ وُدًّا إلى الصَّباح , نتلذَّذُ بالحبِّ لِأنَّ الرّجُلَ ليس في البيت , ذهبَ في طريق بعيدة . (سفْر الأمثال – الإصحاح السّابع 18 – 19) .
وجاء في سفْر نشيد الأناشيد المنسُوب أيضًا إلى النَّبيِّ سُلَيْمان عليه السّلام : ما أجملَ رِجْلَيْكِ بالنَّعلَيْن يا بنتَ الكريم , دوائرُ فَخذَيْكِ مثل الحليِّ صَنْعَة يَدَيْ صنَّاع , سُرَّتكِ كأسٌ مُدَوَّرة لا يُعْوِزُها شرابٌ ممزوجٌ . بَطْنُكِ صُبرةُ حِنْطَة مُسَيَّجة بالسَّوسن . ثَدْيَاكِ كَخِشْفَتَيْن تَوْأمَيْ ظَبْيَة ... (سفْر نشيد – الإصحاح السّابع 1 – 4) .
باللّه عليكِ سيِّدتي الفاضلة , كيف يُمكنُ لِأمٍّ أن تقرأ هذا الكلام الفاضح على بَنيها وبناتها , دون أن تشعُر بالخجل والاشمئزاز ؟!! بل كيف يمكنُ أن تحتفظَ في بيتها بكتابٍ يحتوي على هذه العبارت الجنسيَّة المخزيَة ؟!!
وجاء في سفْر إشعيا أنَّه قال لبني إسرائيل : أمَّا أنتم فتقدَّمُوا إلى هنا يا بَني السّاحرة , نَسْلَ الفاسق والزَّانية . (سفْر إشعياء – الإصحاح السّابع والخمسون 3) .
وجاء في سفْر حزقيال : فلذلكَ يا زانيَة اسمعي كلامَ الرَّبّ . هكذَا قال السَّيِّدُ الرَّبّ : من أجل أنَّه قد أُنفِقَ نُحاسُكِ , وانكشفَتْ عَورتُكِ بزناكِ بِمُحِبِّيك وبكلِّ أصنام رجاسَتِكِ , ولدماء بَنيكِ الذين بَذَلْتِهم لها , لذلك هائنذا أجمع جميع مُحِبِّيكِ الذين لذَذْتِ لهم , وكلّ الذين أحْبَبتهم مع كلِّ الذين أبْغَضْتِهم , فأجمعُهم عليكِ من حَولِكِ وأكشفُ عَوْرَتَكِ لهم لِيَنظُروا كلَّ عَوْرَتَك . (سفْر حزقيال – الإصحاح السّادس عشر 35 – 37) .
سبحان اللَّه وتعالى عمّا يفترون !! هل تدرين سيِّدتي كيف يُدافعُ الأحبار والرُّهبان عن هذه النُّصوص ؟
إنّهم يقولون بأنَّ هذه القصص الجنسيَّة المثيرة للشَّهوة , هي للعبرة والموعظة !!
وجاء في سفْر الملوك الأوَّل : وشاخَ الملِكُ داوُد , تقدَّم في الأيَّام , وكانُوا يُغَطُّونه بالثِّيَاب فلَم يَدفَأ , فقال له عَبيدُه : لِيُفَتِّشُوا لِسَيِّدِنا الملِك على فتاة عَذْراء , فَلْتَقِفْ أمامَ الملِك , ولتَكُن له حاضِنَة , ولْتَضْطَجِعْ في حِضْنِكَ فَيَدْفَأ سَيِّدُنا الملِك . (سفْر الملوك الأوّل – الإصحاح الأوّل 1- 2) .
وجاء في سفْر صموئيل الثّاني : وجرَى بعد ذلك أنَّه كان لِأبشالُوم بن داوُد أختٌ جميلةٌ اسمُها ثامار , فأحبَّها أمْنُون بن داوُد ... ثمّ قال أمْنُون لِثَامار : ائتِ بالطَّعام إلى المخدع فآكُل من يَدِك , فأخذتْ ثامارُ الكعكَ الذي عَمِلَتْه وأتَتْ به أمْنُون أخاها إلى المخْدَع , وقدَّمتْ له لِيَأكُل , فأمسكَها وقال لها : تعالَي اضْطَجِعي معي يا أختي , فقالتْ له : لا يا أخي , لا تُذِلَّني لأنَّه لا يُفعَلُ هكذا في إسرائيل , لا تعملْ هذه القباحة , أمَّا أنا فأينَ أذهبُ بِعَاري , وأمَّا أنتَ فتكُون كَواحد من السُّفهاء في إسرائيل , والآن كلِّم الملِكَ لأنَّه لا يَمنعُني منك , فلَم يَشأ أن يسمع لِصَوتها , بل تَمكَّن منها وقهرها واضطجعَ معها . (سفْر صموئيل الثّاني – الإصحاح الثّالث عشر 1 – 14) .
ألهذا الحدِّ يجترئ أحبار اليهود على أنبيائهم ويُدنِّسون شرفهم وشرف عائلاتهم ؟!!
لا غرابة إذًا أن ينتشر الزِّنا وشرب الخمر في أُمَّة تقرأ في كتابها المقدَّس أنَّ أنبياءها كانُوا يشربُون الخمر حتَّى الثُّمالة , ويزنُون بأخواتهم وبناتهم وأزواج معارفهم , مِن غير أن يُعاقبهم اللَّه !!
ولا غرابة أن يلعنَ اللَّهُ تعالى اليهودَ في عدّة آيات من القرآن الكريم , ويَصِفهم بأنَّهم المغضوب عليهم ! من ذلك قوله تعالى : { وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ 64 } (5- المائدة 64) .
ومن ذلك قوله تعالى : { ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ 112 } (3- آل عمران 112) .
ومن ذلك قوله تعالى : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً 51 أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا 52 } (4- النّساء 51-52) .
فهل يمكنُ أن نصدِّق بعد هذا ما يَدَّعيه اليهود من أنَّهم شعبُ اللَّه المختار , وأنَّهم أحبَّاءُه , وأنَّهم أرفع درجة من الملائكة ؟!
---------------------- 5
هل هذه نصوص مقدّسة ؟!
إضافةً إلى الأكاذيب على اللَّه تعالى وعلى أنبيائه الكرام والقصص الجنسيَّة الفاضحة , تضمَّنت الأسفار التي ينسبُها اليهود إلى أنبيائهم , وأيضًا أسفار الأشعار , نصوصًا لو قرأها طفلٌ صغير لَما صدَّق أنَّها مقدَّسَة !! إليك بعض الأمثلة :
جاء في سفْر الجامعة : لِكُلّ شيء زَمان , ولِكُلّ أمْر تَحتَ السَّماوات وَقْت , للولادة وَقْت وللمَوْت وَقْت , للغَرس وَقْت ولِقَلْع المغْروس وَقْت , للقَتْل وَقْت وللشِّفاء وَقْت , للهَدم وَقْت وللبناء وَقْت , للبكاء وَقْت وللضّحك وَقْت , للنَّوح وَقْت وللرَّقص وَقْت , لِتَفريق الحجارة وَقْت ولِجَمع الحجارة وَقْت , للمعانَقة وَقْت وللانفصال عن المعانقة وَقْت , للكَسْب وَقْت وللخسارة وَقْت , للصّيانة وَقْت وللطَّرح وَقْت , للتَّمزيق وَقْت وللتَّخييط وَقْت , للسُّكوت وَقْت وللتَّكلُّم وَقْت , للحبِّ وَقْت وللبُغْض وَقْت , للحرب وَقْت وللصُّلح وَقْت . (سفْر الجامعة – الإصحاح الثَّالث 1 –
.
فهل يُعقَل أن يكون هذا الكلام وحيٌ من عند اللَّه ؟! وما الذي أفاد البشريَّة معرفة ذلك ؟!
وجاءت في سفْر القضاة حكايات خرافيَّة عن بطولات شمشون الجبَّار , لا يُصدِّقها أيُّ عاقل ! مِن ذلك : وذهبَ شَمشون وأمسكَ ثلاث مائة ابن آوَى , وأخذَ مَشاعل وجعلَ ذَنَبًا إلى ذَنَب , ووضعَ مَشعلاً بين كلّ ذَنَبَيْن في الوَسَط . ثمَّ أضرمَ المشاعل نارًا وأطلَقها بين زُروع الفلسطينيِّين , فأحرقَ الأكداسَ والزَّرع وكُرُوم الزَّيتون . (سفر القضاة – الإصحاح الخامس عشر 5 – 6) .
فكيف جمعَ شمشون هذه الثَّعالب , وكيف ربطها ؟!!
ومِن ذلك أيضًا : ووجدَ فَكَّ حِمار طَريًّا فأخذه وضرب به ألفَ رجُل , فقال شَمشون : بِفَكِّ حِمار كُومة كُومَتَيْن , بِفَكَّ حِمار قتلتُ ألْفَ رَجُل . (سفر القضاة – الإصحاح الخامس عشر 15 – 16) .
فماذا كان يحدث لو كان فَكُّ الحمار يابسًا وليس طريًّا ؟!!
وشبيهًا ببطولات شمشون , ما جاء في سفْر الأيَّام الأوَّل عن البطل يشبعام : وهذا هو عددُ الأبطال الذين لِدَاوُد : يَشُبْعام بن حكْمُوني رئيسُ التَّوالث , هو هزَّ رُمْحَه على ثلاث مائة , قتلَهُم دُفعةً واحدة . (الأيَّام الأوَّل – الإصحاح الحادي عشر 11) .
فكيف يا تُرى قتلَ ثلاث مائة بضربة واحدة ؟!!
وجاء في سفْر اللاَّويِّين تشريعات غريبة بخصوص داء البَرَص ! مِن ذلك : وأمَّا الثَّوبُ , فإذا كان فيه ضَربةُ بَرَصٍ ثَوبُ صوف أو ثَوبُ كتَّان , في السّدى أو اللّحمة من الصّوف أو الكتَّان أو في جلد أو في كلِّ مَصنوع من جلد , وكانت الضَّربةُ ضاربة إلى الخضرة أو إلى الحمرة في الثَّوب أو في الجلد في السّدى أو اللّحمة في مَتاعٍ ما من جلد , فإنّها ضَربةُ بَرَص , فتُعرَضُ على الكاهن . فيرى الكاهِنُ الضَّربة ويَحجِزُ المضروبَ سَبْعة أيَّام ... هذه شَريعةُ ضَربة البَرَص في الصُّوف أو الكتَّان في السَّدى أو اللّحمة أو في كلِّ مَتاع من جلد , للحُكم بطَهارته أو نَجاسته . (سفر اللاَّويِّين – الإصحاح الثَّالث عشر 47 – 59) .
ومِن ذلك أيضًا : مَتَى جئتُم إلى أرض كَنْعان التي أعطيكُم مُلْكًا , وجعلْتُ ضَربةَ بَرَص في بيتٍ في أرض مُلْكِكُم . يأتي الذي له البيتُ ويقولُ للكاهن : قد ظهر لي شِبْهُ ضربةٍ في البيت . فيأمرُ الكاهنُ أن يُفرِغُوا البيتَ قبل دخول الكاهن لِيَرى الضَّربةَ لِئَلاَّ يتنجَّسَ كلُّ ما في البيت , وبعد ذلك يَدخلُ الكاهنُ لِيَرى البيت , فإذا رأى الضَّربةَ , وإذا الضَّربةُ في حيطان البيت نُقَرٌ ضاربةٌ إلى الخضرة أو إلى الحمرة ومَنظرُها أعمَقُ من الحائط , يَخرجُ الكاهنُ من البيت إلى باب البيت ويُغلِقُ البيتَ سبعة أيَّام , فإذا رجع الكاهنُ في اليوم السَّابع ورأى وإذا الضَّربةُ قد امتدَّتْ في حيطان البيت , يأمرُ الكاهنُ أن يَقلَعوا الحجارةَ التي فيها الضَّربةُ ويَطرحُوها خارج المدينة في مكانٍ نَجِس , ويُقَشِّرُ البيتَ من داخلٍ حَوالَيْه , ويَطرحون التّرابَ الذي يُقشّرونه خارج المدينة في مكانٍ نَجِس , ويأخُذون حجارةً أخرى ويُدخِلُونَها في مكان الحجارة , ويأخذُ ترابًا آخر ويُطيّنُ البيت , فإن رجعَتِ الضَّربةُ وأفرخَتْ في البيت بعد قَلْع الحجارة وقَشْر البيت وتَطْيينه , وأتى الكاهنُ ورأى , وإذا الضَّربةُ قد امتدَّتْ في البيت , فهي بَرَصٌ مُفْسِدٌ في البيت , إنَّه نَجِس , فيَهدمُ البيتَ : حجارتَه وأخشابَه وكلَّ تراب البيت ويُخرِجُها إلى خارج المدينة إلى مكانٍ نَجِس ... لكن إن أتى الكاهنُ ورأى وإذا الضَّربةُ لم تَمتدّ في البيت بعد تَطْيين البيت يُطهِّرُ الكاهنُ البيتَ لأنَّ الضَّربةَ قد بَرئَتْ , فيأخذُ لِتَطهير البيت عصفورَيْن وخَشَب أرْز وقِرْمِزًا وزُوفا , ويَذبحُ العصفورَ الواحد في إناء خَزَف على ماء حَيّ , ويأخذُ خشَب الأرْز والزّوفا والقِرْمِزَ والعصفورَ الحيّ , ويَغمسُها في دَم العصفور المذبوح وفي الماء الحيِّ ويَنضِحُ البيتَ سبعَ مرَّات , ويُطهِّرُ البيت بِدَم العصفور وبالماء الحيِّ وبالعصفور الحيِّ وبخشَب الأرْز وبالزُّوفا وبالقِرْمز . ثمَّ يُطلِق العصفورَ الحيّ إلى خارج المدينة على وَجه الصَّحراء ويُكَفّر عن البيت فيَطْهُر , هذه هي الشَّريعةُ لِكُلّ ضربةٍ من البَرَص وللقَرع , ولِبَرَص الثَّوب والبيت . (سفر اللاَّويِّين – الإصحاح الرَّابع عشر 34 – 55) .
فهل سمعتَ سيِّدي الكريم في حياتك بثيابٍ ومنازلَ تُصابُ بالبَرَص ؟! والمصيبة أنَّ هذا الدَّاء إذا انتشر في الحيطان , يُحكَم على البيت بالهدم ! وإذا لَم ينتشر , يُطَهَّرُ البيتُ بالدَّم , في حين أنَّ الدَّم , كما هو معروف اليوم , هو أفضل ناقل للأمراض والبكتيريا !!
وجاء في سفْر العدد تشريعات غريبة بخصوص النَّجاسة والطَّهارة ! مِن ذلك : مَن مَسَّ مَيِّتًا , مَيِّتةَ إنسانٍ مَا , يكونُ نَجِسًا سبعةَ أيَّام , يتطهَّرُ به في اليوم الثَّالث , وفي اليوم السَّابع يكونُ طاهرًا . وإن لم يتطهَّر في اليوم الثَّالث ففي اليوم السَّابع لا يكونُ طاهرًا , كلّ مَن مَسَّ مَيِّتًا , مَيِّتةَ إنسانٍ قد مات , ولم يتطهَّر يُنَجِّس مَسْكَن الرَّبّ . فتُقطَعُ تلكَ النَّفسُ من إسرائيل لأنَّ ماء النَّجاسة لم يُرَشَّ عليها تكونُ نَجِسَة , نجاستُها لم تَزَلْ فيها , هذه هي الشَّريعة : إذا مات إنسانٌ في خَيْمة , فكلّ مَن دخلَ الخيمة وكلّ مَن كان في الخيمة يكونُ نَجِسًا سبعة أيَّام . وكلّ إناء مفتوح ليس عليه سِدادٌ بعصابة فإنَّه نَجِس , وكلّ مَن مَسَّ على وَجْه الصَّحراء قتيلاً بالسَّيْف أو مَيِّتًا أو عَظْم إنسان أو قَبْرًا يكونُ نَجِسًا سبعةَ أيَّام ... وأمَّا الإنسانُ الذي يَتَنجَّسُ ولا يَتطهَّر , فتُبادُ تلك النَّفسُ من بين الجماعة لأنَّه نَجَّس مَقدس الرَّبِّ . ماءُ النَّجاسة لَم يُرَشَّ عليه . إنَّه نَجِس . (سفر العدد – الإصحاح التَّاسع عشر 11 – 20) .
حسب هذا التَّشريع إذًا , فإنَّ مَن ماتتْ له ابنةٌ مثلاً , فبكى عليها وقبَّل وجهها قبل أن تُدفَن أو لامَس يَدها , يُصبحُ نجسًا سبعة أيَّام , ويجبُ أن يتطهَّر في اليوم الثَّالث ! وإذا نسي أن يتطهَّر بسبب الحزن وصعوبة الوضع الذي يَمرُّ به , فإنَّه يُعاقَب بالإبادة والقتل !! وكذلك الحالُ بالنِّسبة لِكُلِّ مَن دخل خيمةً فيها مَيِّت , أو كان سائرًا في الصَّحراء ولامس عظم إنسان أو قبرًا !!
والأغربُ من هذا ما جاء في كيفيَّة التَّطهُّر من النَّجاسة : فيأخذون لِلنَّجِس مِن غُبار حريق ذَبيحة الخَطيَّة , ويجعلُ عليه ماء حيًّا في إناء , ويأخذُ رجُلٌ طاهرٌ زُوفَا ويَغمِسُها في الماء ويَنضحُه على الخيمة وعلى جميع الأمتِعَة , وعلى الأنفُس الذين كانُوا هناك وعلى الذي مَسَّ العظْمَ أو القتيل أو الميِّت أو القبر , يَنضحُ الطَّاهِرُ على النَّجِس في اليوم الثَّالث واليوم السَّابع . ويُطهّرُه في اليوم السَّابع فيغسلُ ثيابهُ ويَرحضُ بِماءٍ فيكونُ طاهرًا في المساء . (سفر العدد – الإصحاح التّاسع عشر 17 – 20) .
فالصُّعوبة هنا هي في إحضار غُبار حريق ذَبيحة الخَطيَّة الذي لا تحصلُ الطَّهارة إلاَّ به . فقد جاء في سفر العدد صفات هذه الذَّبيحة , والتي تجعل من الصَّعب جدًّا الحصول عليها : هذه فريضةُ الشَّريعة التي أمَر بها الرَّبّ : كَلِّمْ بَني إسرائيل أن يأخذُوا إليكَ بَقرةً حَمراء صحيحة لا عَيْب فيها ولَم يَعْلُ عليها نير , فتُعطونها لألِعازار الكاهن , فتُخرَجُ إلى خارج المحلة وتُذبَحُ قُدَّامه ... وتُحرَقُ البقرةُ أمام عَيْنيه , يُحرَقُ جِلْدُها ولَحْمُها ودَمُها مع فَرثِها , ويأخذ الكاهنُ خَشَب أرْز وزُوفا وقِرْمِزًا ويَطرحُهنَّ في وسط حريق البقرة ... ويجمعُ رجُلٌ طاهرٌ رمادَ البقرة ويَضعُه خارج المحلة في مكان طاهر , فتكونُ لِجماعة بَني إسرائيل في حِفْظٍ ماء نَجاسة , إنَّها ذَبيحةُ خَطيَّة . (سفر العدد – الإصحاح التَّاسع عشر 2 – 9) .
فماذَا لو قبَّل رجلٌ جبينَ أمّه الميّتة , ثمَّ لم يَجدْ بقرة حمراء للتَّطهُّر ؟ هل يُقتَل لهذا السَّبب ؟!!
نعم سيّدي الفاضل , سيّدتي الفاضلة , كلُّ هذا موجود في التَّوراة االمحرَّفة ! وبَدلَ أن تَحتوي هذه التَّوراة على نُصوص تحثُّ على فعل الخير والإحسان إلى الغير , نجدُها بالعكس تَحتوي على نصوص تُثير الغرائز الحيوانيَّة , وأخرى تُعلِّمنا كيف يقترفُ الأنبياء الفواحش العظيمة , وأخرى لا تُفيدُنا في أيِّ شيء !
والغريب أنَّنا لو بَحثنا في هذه التَّوراة عن ذِكْرٍ ليوم القيامة والحساب والجنةَّ والنَّار , لَما وجدنا فيها أيّ شيء من ذلك !! فما الهدف إذًا من إرسال الأنبياء إلينا , وما الفائدة من فعل الخير واجتناب الشَّرِّ إذا لم يكُن هناك بعد ذلك حساب وجزاء ؟!!
بقي أن نلاحظ أنَّ أسفار التَّوراة الخمسة والأسفار التَّاريخيَّة والأسفار الشِّعريَّة وأسفار الأنبياء , لا يُؤمن بها اليهودُ فقط , وإنَّما النَّصارى أيضًا الذين يعتقدون أنَّ أنبياءَ اللَّه هم الذين كَتبُوها بإلهامٍ من روح القدس ! وقد أقرَّ مجمع ترنت (Concile de Trente) الكاثوليكي ما بين سنة 1545 م وسنة 1563 م , ومجمع بيت المقدس الأرثودوكسي سنة 1672 م , شرعيَّة كلَّ هذه الأسفار ! معنى هذا أنَّ النَّصارى أيضًا يعتقدون أنَّ النُّصوص التي ذكَرْناها , والتي تصف اللَّه تعالى بما لا يليق به , وتجعل من أنبيائه زُناةً وشاربي خمر وقتَلَة , وتتحدَّث عن الجنس القذر , كلُّها نُصوص مُقدَّسة !!
---------------------- 5