عرض: حسن آل حمادة
من الأمور المسلم بها أن الإنسان يولد وتولد لديه القدرة على أن يجعل من نفسه شخصية ناجحة بما حباه الله من ملكات ومواهب متعددة، غير أن البعض قد يعيش على الأمل مبتعداً عن العمل والسعي، لذا نرى البعض يعيش الفشل، ليصدق عليه عنوان الشخصية الفاشلة.
الشخصية الناجحة.. هكذا عنون الكاتب السعودي الشيخ عبدالله أحمد اليوسف كتابه المتميز هذا، والمؤلف -كما يذكر الدكتور رشاد علي عبدالعزيز موسى، أستاذ الصحة النفسية المشارك- ما هو إلاّ نموذجاً جيداً للشخصية الناجحة، حيث أنه جد وكدح في تخريج هذا الكتاب بصورته القيمة، شارحاً معايير الشخصية الناجحة.
يؤكد اليوسف في أبحاثه على إلى أن الإنسان يولد وتولد معه الكثير من المواهب والإمكانيات والطاقات الهائلة والجبّارة مما يجعله قادراً على النجاح في الحياة، فالله سبحانه وتعالى أعطى الإنسان مواهب خلاّقة تؤهله للنجاح، والإسلام بما فيه من مناهج شاملة ومتكاملة يكفل للمسلم السعادة والنجاح.
إذ أن الإسلام يعتبر الإنسان هو محور الكون، ولذلك هناك تركيز واضح في مبادئ وتعاليم الإسلام على بناء الإنسان المتكامل، فالإنسان هو نواة الحضارة، وعندما ينجح الإنسان كفرد فإنه يشكل جزءاً لنجاح المجموع كأمة، وبالتالي بناء الحضارة، فالأمة مجموعة أفراد، والحضارة إنتاج أمة.
فكل إنسان لديه إمكانية النجاح، ولكن نجاحه يعتمد على قدرته على تفجير مواهبه واستثمار إمكانياته واستثمار طاقاته ومعرفته بحقائق الحياة، فإذا ما أساء الإنسان معرفته بنفسه، وإذا ما أخفق في استثمار ما أعطاه الله من مواهب وإمكانيات، فلا بد وأن يكون الفشل حليفه.
ومن الطبيعي جداً أن يواجه الإنسان صعوبات ومشاكل وعقبات في طريق تقدمه في الحياة، فطريق النجاح مزروع بالأشواك، ولكنه ثمن النجاح.
حقاً ما يقوله اليوسف هنا، فمخطئ من يتصور بأن النجاح يأتيه على طبق من ذهب، وإلاّ لساد الناس كلهم، فالدنيا قد خلقت على كدرٍ، والبعض يريدها خلواً من الأكدار!
فكيف تنجح؟
وما هي مقومات ومتطلبات وقواعد النجاح؟
ولماذا ينجح بعض الناس ويفشل آخرون؟!
وما هي أسرار نجاح العظماء والقادة؟!
هذا ما يحاول الكتاب الإجابة عليه، ليرسم لنا خريطة النجاح.
في فصله الأول المخصص عن مقومات النجاح، ذكر لنا المؤلف أربعة أمور، وهي:
1- الثقة بالنفس: فهي من المقومات الرئيسية لكل من ينشد النجاح، فلا نجاح بدون ثقة الإنسان بذاته، إذا أن ضعف الثقة بالنفس هو إصدار حكم بإلغاء قدرات الإنسان ومواهبه، وبالتالي الفشل المحتم! وهذه الحقيقة يعترف بها كل من كتب مذكراته، وكل من تُرجمت حياته، يقول شارلي شابلن عن سرّ نجاحه: "لا بد للمرء أن يكون واثقاً من نفسه.. وهذا هو السر.. حتى عندما كنت أعيش في ملجأ الأيتام، وحتى عندما كنت أهيم على وجهي في الشوارع والأزقة باحثاً عن لقمة خبز أملأ بها معدتي الجائعة، حتى في هذه الظروف القاسية كنت أعتبر نفسي أعظم ممثل في العالم، كنت أشعر بالحماس الشديد يملأ صدري لمجرد أنني كنت أثق بنفسي، ولولا هذه الثقة لكنت قد ذهبت مع النفايات إلى بالوعة الفشل".
2- الإرادة القوية: فالإنسان يعيش صراعاً من أجل البقاء، ولن ينتصر في هذا الصراع إلاّ من تسلح بإرادة لا تقهر. أما ضعيف الإرادة فلا بد وأن يهزم في معركة الحياة. فالنجاح إذاً إرادة، ولهذا يقول علماء النفس إن تربيتها التربية الحسنة هي أعظم ما يستطيع الإنسان أن يفعله متى رام النجاح. ومن أجل تنمية الإرادة نحن بحاجة، للاعتماد على النفس، وتحصيل العزيمة والإصرار، إضافة لتدريب النفس وتمرينها على القيام بالأعمال الشاقة.
3- الطموح اللامحدود: حيث يزرع في الإنسان المثابرة والجد والاجتهاد، كما يحفزه على التفكير الجاد، والتخطيط الدقيق، كما يخلق روح الابتكار والإبداع، وذلك بهدف الوصول لأهدافه التي رسمها في الحياة. فكلما حقق الإنسان نجاحاً، سعى نحو تحقيق نجاح آخر.. وهلّم جرّا.
ومن أجل رفع الطموح لا بد من توافر: التطلع نحو الأفضل، وعلو الهمة، والثقة بالنفس.
4- النشاط المتواصل: وهو عبارة عن الجهد المستمر الذي يبذله الشخص لإنجاز أعماله وتحقيق أهدافه في الحياة، وبعبارة أخرى هو: الفاعلية والإنتاجية التي يسعى الفرد لتحقيقها. ويتساءل المؤلف في هذا المحور قائلاً: وهل يمكن صناعة المستحيل؟! ويجيب بقوله: أجل...! إذ لا مستحيل أمام قدرات الإنسان الهائلة.. فهذا الإنسان هو نفسه الذي وضع رجليه على الفضاء.. وهو الذي ابتكر أعظم العقول الإلكترونية.. وهو الذي استطاع أن يروض الطبيعة لصالحه.. وهو الذي صنع الحضارات العملاقة.. إنه الإنسان الذي زوّده الله عز وجل بكل مؤهلات الحضارة {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم}.