السلام عليكم ورحمة الله
ينظر الإسلام إلي علاقة الرجل بالمرأة نظرة عليا سامية مترفعة من الهبوط الحيواني الجنسي، وهذه العلاقة يجب أن تتم في نطاق عقد الزواج الشرعي المعلن محافظة علي الأعراض والأنساب.
وأجاز الإسلام تمهيداً للزواج أن تتم الخطبة ، وهي في حقيقتها وعد وليست عقداً حتي يتاح للمقدم علي الزواج والمقدمة عليه أن يريا بعضهما البعض ويتحدثا في شؤونهما ويسمعا كلام الخاطب وصورة الخاطب في ذهن المخطوبة، حتي إذا ما عقد العقد كان كل واحد منهما يعرف صاحبه حق المعرفة من الناحية المادية والناحية المعنوية.
و يعتبر الاسلام الزواج أمراً يختص بالزوجين، ولا يحق لأحد التدخل فيه، ما عدا الأب في الفتاة البكر، حيث يخشى عليها من التسرع في اختيار الزوج، أو الانخداع.
إلا أن الاسلام يشدد على قدسية الارتباط بين الرجل والمرأة، ولذلك يشترط في هذا الارتباط وجود "العقد" و "المهر" _بصفته رمزاً في ذلك _.قال الرسول
الأعظم (ص) (ما بُني بناء أحبّ إلى الله تعالى من التزويج). (إذا جاءكم من ترضون خُلقه ودينه فزوجوه. قيل: يا رسول الله وإن كان دنيئاً في نسبه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه. إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير).
ولعل الاسلام هو الدين الوحيد، وحتى القانون الوحيد الذي أعطى المرأة هذه الحرية في مسألة الزواج، حيث جعلها علاقة خاصة تقوم على اتفاق خاص دون توسط من جانب احد.
فالزواج أمر يقوم على ايجاب من قبل المرأة وقبول من قبل الرجل، وكل الضوابط التي يراها الاسلام ضرورية للزواج انما هي الضوابط الانسانية. فنحن نختلف عن الحيوانات ولا بد أن تختلف عاداتنا، وتقاليدنا، وطريقتنا ايضاً.[B]
إن الأساس المهم واللبنة الأولى في عملية بناء المجتمع الإنساني الصالح هو الزواج، فهو ليس مجرد عملية يراد بها الحفاظ على النوع البشري فحسب، وإنما هو أساس لبناء مجتمع أمثل، ينبع الكمال والفضيلة من شتى جوانبه، مجتمع تنظم فيه العلاقات والغريزة الجنسية ضمن ضوابط وحدود لا يجوز تجاوزها حفاظاً على الكرامة الإنسانية والقيم المثلى وابتعاداً عن الشذوذ والانحراف المرفوض عقلائياً، مجتمع تملأ أرجاءه المحبة والتعامل المنظم القائم على أساس المودة والتفاهم بين الزوجين وتقسيم أعباء الحياة بينهما، ليقوم كل واحد منهما بوظيفته وليؤدي دوره المطلوب منه في هذه الحياة
المرأة الزوجة هي جوهرة مكنونة ودرة مصونة، تحتضنها القلوب قبل الأيدي، وتصونها في خبايا الصدور بمداراة ومحبة ولطف وعناية وحرص واهتمام، يدرك منه العاقل أنها قيمة كبيرة لها حظوتها في القلب وشروقها الممتد في النفس، تلك هي المرأة في مجتمع الإسلام ثروة كبيرة لا تقدر بثمن، مكانتها عالية شامخة كشموخ الجبال الرواسي، وعزتنا تنبع من عزتها وشموخها، وسعادتنا تكمن في سعادتها وسرورها الذي يشرق في فيها الراحة في النفوس وهي الزوجة المحبوبة والمحبة الصافية والعلاقة السامية، صاحبة رسالة زاهرة، ومنهجية كاملة باهرة، فهي منشئة الأجيال ومربية الرجال ومعدة الأبطال ومؤهلة الأمة إلى خير المآل، تلك هي المرأة
المرأة المسلمة ملكة متوجة على عرشها، صيحتها تنهض عزائم الرجال، ففي السنة النبوية الشريفة توجيهات كريمة تكفل للمسلمين السعادة المنشودة في الدنيا والآخرة، وفي ظلها يعتز المسلم وتسعد الأسرة، وترتقي المجتمعات وتحيا خير أمة أخرجت للناس إن هي حققت ركائز دينها وسارت على خطى رسولها صلوات الله وسلامه عليه، قال تعالى: “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “تنكح المرأة لأربع: لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك”.
هذا الحديث النبوي الشريف ويوضح أبعاده الاجتماعية والإنسانية فيقول: يرشد الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم الراغب في الزواج إلى المنهج الذي تتم به سعادته، وغاية ما يتمناه ويظفر به فيوضح له أولا الأمور التي جرت عادة الناس بمراعاتها ويخبر بأنهم يقصدون هذه الخصال عندما يرغبون في اختيار الزوجة، فتتجه عنايتهم إليها وتلح رغباتهم الدنيوية في اختيار الزوجة التي يتوافر فيها المال والحسب والجمال، ويقدمون هذه الأمور على أهم المطالب كلها، وهو “الدين” فيجعلونه آخر المطالب.
ويتناول الحديث أربعة مطالب هي: الدين، المال، الحسب، الجمال
فالدين هو أهم المطالب التي ينبغي على الراغب في الزواج أن يجعله نصب عينيه، فيتخير الزوجة الصالحة ذات الدين فهي التي تعينه على دينه ودنياه وآخرته وتصون شرفها وعفافها، وتحفظ على زوجها كرامته فيأمن معها، ويسكن إليها وتشرق بينهما المودة والرحمة، لهذا نهى الإسلام عن أن تكون مطالب الحسن أو المال مقصودة لذاتها، فإن الزوج لا يأمن معها غائلة الفتنة، فقد يهلك حسنها، وقد يطغيها مالها. روى ابن ماجه بسنده عن عبدالله بن عمرو: “لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تزوجوهن لأموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة سوداء ذات دين أفضل
وكما حذر الرسول صلى الله عليه وسلم من الزواج لأجل الجمال أو المال، دون مراعاة الدين، فقد رغب في الزواج من المرأة الصالحة المتدينة الجميلة الأمينة ورسم الصورة المشرفة للزوجة المثالية في المجتمع الإسلامي. فقال صلى الله عليه وسلم: “خير النساء من إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا أقسمت عليها أبرتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك
ومن معايير اختيار الزوجة: الأصل والحسب، فقد أمرنا الإسلام بأن نتخير لنطفنا وأن نقصد الأصل، لأن الناس معادن واشترط الإمام الغزالي أن تكون الزوجة نسيبة أي تكون من أهل بيت ذي الدين والصلاح، فإنها ستربي بناتها وبنيها فإذا لم تكن مؤدبة لم تحسن التأديب والتربية، وكذلك الحال بالنسبة للرجل
من حق الزوج على زوجته أن تطيعه في غير معصية وأن تحفظه في نفسها وماله، وأن تمتنع عن مقارفة أي شيء يضيق به الرجل، وقد وصف الله سبحانه الزوجات الصالحات فقال تعالى: “فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله” (النساء: 34).
والقانتات هن الطائعات والحافظات للغيب: أي اللائي يحفظن غيبة أزواجهن فلا يخنه في نفس أو مال، وهذا أسمى ما تكون عليه المرأة وبه تدوم الحياة الزوجية وتسعد، وحق طاعة المرأة لزوجها مقيد بالمعروف فإنه لا لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فلو أمرها بمعصية وجب عليها أن تخالفه وطاعة الزوجة لزوجها مقيدة بالأمر بالمعروف فلو أمرها بمعصية لا يجب عليها طاعته،
المرأة هي أثمن شيء في هذه الحياة بالنسبة للرجل خلا دين الله، هذه المرأة بحق هي الواحة الفريدة في صحراء الحياة، وهي الربيع الناضر في أيام الرجل الصادق، وهي البسمة العذبة على ثغر الحياة الرضية، لتكون لزوجها أثمن هدية،
هذه المرأة التي قصرت أجمل ما فيها من عواطف رقيقة مهذبة لزوجها، فلم تسفر بعاطفتها بين الناس، ولم تبدد ما يهتز في قلبها من حنان بين من لا يعرفون الحنان والعطف إلا أنهم عارفون لبقية ما يغطيه الثوب من جسمها. هذه المرأة الطاهرة الجميلة تحب زوجها، وتنسى أن في الكون رجالاً غيره، هي الزوجة الصالحة، الأم الحنون، الأخت المؤاسية، ومع أن نصيبها من الحب الصافي قد يقل في الحياة، فهي تشع من ذلك حباً صافياً لكل من حولها،