مقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين وأصحابه الأخيار ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
1- لقد صاحب هيمنة الحضارة المعاصرة ذات البعد الغربي فكرياً وثقافياً وسلوكياً محاولات عديدة للسعي إلى تسويق قيم تلك الحضارة من خلال ترويج فكرة العالمية - خاصة في جانبها الاجتماعي والسلوكي - وقد قامت هيئة الأمم المتحدة بأنشطة متعددة في هذا المجال، وذلك بعقد الندوات والمؤتمرات العالمية واستصدار الوثائق حيال العديد من القضايا الاجتماعية المتعددة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
2- وكان من أهم القضايا المطروحة في المؤتمرات والمواثيق المشار إليها قضايا المرأة والأسرة، باعتبارها من القضايا التي تثار في كل المؤتمرات المذكورة سلفاً، وتكاد تكون القاسم المشترك بينها جميـعاً، الأمر الذي يجعل هذه المؤتمرات من محطات النقاش والاختلاف بين الفكر الغربي والتصور الإسلامي فيما يتعلق بهذه القضايا.
3- والحق أن كثيراً من القضايا التي تناولتها تلك المؤتمرات هي من الموضوعات التي يتفق فيها الشرع الإسلامي مع الشرائع السابقة وما وصل إليه الضمير الغربي المتحضر، سواء كان هذا الاتفاق بتأييد مقررات تلك المؤتمرات أم برفضها.
وتبقى قضايا أخرى يرفضها الإسلام ويأباها، بينما يرى الغرب في تأييدها ضرورة، ومن ثم يظهر التباين بين رؤية الإسلام وبين الفكر الغربي فيما يتعلق بهذه القضايا ونرى أن هذا التباين – غالباً – ما ينشأ نتيجة اختلاف الفهم لقضية المساواة بين الرجل والمرأة، أما ما يتفرع عن هذه القضية من موضوعات فهو متعدد، نعرض منه لموضوعين لهما ارتباط وثيق بنظام الأسرة، الموضوع الأول هو ميراث المرأة، والموضوع الثاني هو تعدد الزوجات.
وعلى هذا سوف تكون خطة البحث على النحو التالي:
الفصل الأول: مساواة المرأة بالرجل
المبحث الأول: قضية المساواة عند الغرب ودوافعها
المبحث الثاني: موقف الإسلام من قضية المساواة بين الرجل والمرأة
الفصل الثاني: ميراث المرأة وميراث الرجل
المبحث الأول: ميراث المرأة في المناهج الوضعية
المبحث الثاني: ميراث المرأة في الإسلام
الفصل الثالث: تعدد الزوجات
المبحث الأول: تعد الزوجات قبل الإسلام
المبحث الثاني: موقف الإسلام من تعدد الزوجات
المبحث الثالث: موقف القوانين الحديثة من تعدد الزوجات
الفصل الأول: مساواة المرأة بالرجل
المبحث الأول
قضية المساواة عند الغرب ودوافعها
4- كان الرومان يعتبرون أنفسهم أوصياء على الإنسانية كلها، وقد بسطوا سلطانهم بحد السيف على الكثير من شعوب الدنيا، واستعملوا في سبيل ذلك كل الوسائل التي توصلهم إلى ما يبتغونه، سواء أكانت هذه الوسائل شريفة أم حقيرة، واستطاعوا في النهاية أن يسيطروا على معظم أجزاء العالم معتبرين أنفسهم سادته.
ولم تكن قوانينهم ونظمهم تساوي بين الرومان وغيرهم من سائر الشعوب التي يتحكمون في مصائرها، وإنما يعتبرون غير الروماني من طبقة أدنى من طبقة الرومان ليس له الحقوق التي يتمتع بها هؤلاء، وإنما قد خلق ليكون رقيقاً يخدم فقط وليس من حقه التطلع إلى ما وراء ذلك.
ولذلك فإنهم انطلاقاً من هذا المعتقد وضعوا نوعين متباينين من القوانين، أحدهما: القانون المدني، وهو خاص بالشعب الروماني نفسه، وثانيهما: قانون الشعوب، وهو خاص بسكان البلاد التي احتلها الرومان.
5- وهذه التفرقة كما كانت بين الشعب الروماني وغيره، كانت كذلك بين الرجال والنساء، وانعكست بدورها على وضع المرأة، ففي غضون القرون التي كانت فيها دول المدن اليونانية على جانب عظيم من رفعة الشأن، كانت النساء في هذه الدولة يقمن بأدوار تافهة وضيعة، ولئن تمتعن بحق الحياة فما ذلك إلا لأنه لم يكن عنهن غنى، وكان الرجال يجدون فيهن المتعة والتسلية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وكان بعض الفلاسفة ينظرون إلى المرأة على أنها كائن ناقص، مسلوب الإرادة، ضعيف الشخصية، وذهبوا في ذلك إلى حد القول بأنه يجب أن يبقى النساء الرشيدات تحت الوصاية لخفة عقولهن[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقد جرد القانون الروماني المرأة من معظم حقوقها المدنية في مختلف مراحل حياتها، فلم تكن لها أهلية أو شخصية قانونية، وقد كان القانون يعتبر (الأنوثة)سبباً من أسباب انعدام الأهلية - كحداثة السن والجنون، فقبل زواجها تكون تحت سيطرة رئيس الأسرة - أبيها أو جدها - وتعطيه هذه السيطرة كافة الحقوق عليها، كحق إخراجها من الأسرة، وبيعها بيع الرقيق، وحتى حق الحياة والموت، وبعد زواجها تنقطع علاقتها انقطاعاً تاماً بأسرتها القديمة ويحل زوجها محل أبيها أو جدّها، ويسمى هذا الزواج (زواج السيادة)، وقد بلغ من سيادة زوجها عليها أنها كانت تحال إليه إذا اتهمت بجريمة ليحاكمها ويتولى معاقبتها بنفسه، وكان له أن يحكم عليها بالإعدام في بعض التهم كالخيانة مثلاً، وكان إذا توفي عنها زوجها دخلت في وصاية أبنائها الذكور، أو إخوة زوجها أو أعمامه [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
6- ثم أخذت نظرية الرومان في النساء تتبدل برقيهم في المدنية والحضارة، وما زال هذا التبدل يطرأ على نظمهم وقوانينهم المتعلقة بالأسرة وعقد الزواج والطلاق، فانعكست الحال رأساً على عقب، فلم يبق لعقد الزواج عندهم معنى، ومنحت المرأة جميع حقوق الإرث والملك، وجعلها القانون حرة طليقة لا سلطة عليها للأب ولا للزوج، ثم سهلوا من أمر الطلاق حتى جعلوه شيئاً عادياً يلجأ إليه لأي سبب.
ثم بدأت تتغير نظرتهم إلى العلاقات والروابط القائمة بين الرجل والمرأة من غير عقد مشروع، وقد بلغ بهم التطرف في آخر الأمر أن جعل كبار علماء الأخلاق منهم يعدون الزنا شيئاً عادياً.
7- أما في المسيحية، فكانت النظرة السائدة قديماً أن المرأة تحمل وزر الخروج من الجنة، ومنها انبجست عيون المصائب الإنسانية جمعاء، فبحسبها ندامة وخجلاً أنها امرأة، وينبغي أن تستحي من حسنها وجمالها ؛ لأنها سلاح إبليس الذي لا يوازيه سلاح من أسلحته المتنوعة، وعليها أن تكفِّر ولا تنقطع عن أداء الكفارة أبدا، لأنها هي التي قد أتت بما أتت به من الرزء والشقاء للأرض وأهلها.
وكان من غلو رجال الكنيسة في العصور الوسطى، أنهم جعلوا من موضوعاتهم التي يتدارسونها:
• هل للمرأة أن تعبد الله كما يعبده الرجل؟• هل تدخل الجنة وملكوت الآخرة؟• هل هي إنسان له روح ينعم بالخلود، أم نسمة فانية لا خلود لها ؟ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي القرن الخامس الميلادي، اجتمع مجمع (ماكون)للبحث في مسألة: (هل المرأة مجرد جسم لا روح فيه، أم لها روح؟ )، وقد قرروا أنها خلو من الروح الناجية من عذاب جهنم، وفي عام 586 م – قبيل بعثة النبي الخاتم - عقد الفرنسيون مؤتمراً لبحث ما إذا كانت المرأة إنساناً أم غير إنسان ؟ فتوصلوا إلى أنها إنسان، خلقت لخدمة الرجل فحسب[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
8- كما أن المرأة جعلت تحت سلطة الرجل الكاملة من الوجهة الاقتصادية، فأصبحت حقوقها في الإرث محدودة، وأما حقوقها في الملكية فكانت قليلة، ولم يكن لها حق فيما تكسبه بيدها، بل كان كل ما عندها ولها ملكاً لزوجها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
9- هنا... كان من حق الغرب أن ينتفض لمثل ما ذكرناه، وأن ينادى بمساواة المرأة للرجل في الحقوق والواجبات، بعد أن نادى بمساواة الإنسان بالإنسان دون تفرقة بسبب اللون أو العرق.
وأول ذكر للمساواة عند الغرب، كان من خلال إعلان الاستقلال الأمريكي (عام 1776م)حيث أشير فيه إلى مبدأ المساواة بين الناس، بجانب ذكر بعض الحقوق كحق الحياة وحق الحرية، ثم صدر بعد ذلك إعلان الدستور الأمريكي (عام 1787م)، وتعرض فيه لبعض الحقوق الإنسانية ومنها إيجاب المساواة.
وأما المناداة بالمساواة كنظام وتشريع، فقد ظهرت مع الثورة الفرنسية ومناداة كتاب الثورة بذلك، أمثال: جان جاك روسو، ومونتسكيو.... وغيرهم، وصدرت (عام 1789م )وثيقة حقوق الإنسان والمواطن، وبدأت الوثيقة بعبارة (يولد الناس أحراراً ومتساوين في الحقوق )حيث تضمنت تقرير المساواة، وقد حرص الفرنسيون على هذا الإعلان ووضعوه في مقدمة الدستور الفرنسي الصادر عام 1791م، ويتكون هذا الإعلان من (17)مادة، حيث تضمنت المادة الأولى حق الحرية والمساواة، كما أكدت المادة السابعة منه على حق المساواة أمام القانون، والمساواة في الحصول على الوظائف.
أما ميثاق الأمم المتحدة فقد جاء في مقدمته التأكيد على الحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الفرد وقدره، وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقد نص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق المساواة وأن الناس سواسية أمام القانون، ولهم الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بالإعلان العالمي، فجاء في ديباجة هذا الإعلان: (إن الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية، وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية، والعدل والسلام في العالم )، والمادة الأولى من هذا الإعلان العالمي نصها:
(يولد الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء )[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
كما صدر عن الأمم المتحدة إعلان القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام (1963م)، يتناول المساواة بين البشر دون تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين، وحق كل إنسان في المساواة أمام القانون، وفي الأمن على شخصه وحماية الدولة له، كما أن لكل إنسان يتعرض في حقوقه وحرياته الأساسية لأي تمييز بسبب العرق أو اللون أو الأصل العرقي حق التظلم من ذلك[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
10- ونلاحظ في الوثائق التي أشرنا إليها أن هناك اهتماماً كبيراً بقضية المساواة يتناسب مع ما كانت تعانيه المرأة في الغرب من الإهمال والتمييز في المعاملة والحقوق وفي سائر أمور الحياة، الأمر الذي جعلها تنص على المساواة التامة بينهما في جميع ميادين ومجـالات الحيـاة المختلفة، في الحقوق والواجبات والالتزامات والمسؤوليات دون استثناء أو مراعاة للاختلافات في تكوين المرأة وفطرتها وطبيعتها.
11- كما نلاحظ أن التقنينات الغربية وقد حاولت أن تتخلص من آثار نظرة العصور القديمة والوسطى للمرأة، إلا أنه لا يزال بها بقايا تأثر بنظرة القانون الروماني للمرأة وقد كانت المادة الثانية عشرة – مثلاً – من القانون المدني الفرنسي تجعل الزواج سبباً في سلب أهلية الزوجة في التقاضي وفي التصرفات المالية، إلا إذا حصلت على تصريح كتابي من زوجها، ولم تلغ هذه الوصاية إلا بعد إصلاح تشريعي سنة 1938م ، وبعض الدول – كبلجيكا – ربطت ذلك بإرادة الزوج، فإن شاء أعطى زوجته صكاً عاماً دائماً، أو لمدة محدودة، بموجبه تملك التصرف في بعض أموالها أو فيها كلها، وللزوج سحب هذا التصريح متى شاء، مما يجعل الزوجة في حكم الصغير الذي يتوقف نفاذ تصرفه على موافقة الولي أو الوصي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
• • • • •
المبحث الثاني
موقف الإسلام من قضية المساواة بين الرجل والمرأة
12- يعتبر البعض قضية المساواة بين المرأة والرجل وركيزة ومدخلاً في توجيه اللمز والانتقاص لتشريعات الإسلام، باعتبار أحكامه الخاصة بالمرأة تمثل أنماطاً تقليدية يجب نبذها وتجاوزها، وهو ما يتردد في العديد من المؤتمرات الدولية، بحيث يصبح الصوت الإسلامي في هذه المؤتمرات يمثل للبعض ردة حضارية.
في حين أن بعض صور المساواة بين المرأة والرجل، التي تنادي بها هذه المؤتمرات، كتكريم المرأة، والتأكيد على حقوقها الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية...وغيرها، قد سبق الإسلام بمئات السنين ليس بمجرد إعلانها فقط، وإنما بتطبيقها تطبيقاً عملياً تفخر به البشرية.
فالإسلام أعطى الإنسان الحرية، وقيدها بالفضيلة حتى لا ينحرف، وبالعدل حتى لا يجور، وبالحق حتى لا ينزلق مع الهوى، وبالخير والإيثار، حتى لا تستبد به الأنانية وبالبعد عن الضرر، حتى لا تستشري فيه غرائز الشر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
13- والمرأة في ميزان الإسلام كالرجل، فرض الله عليها القيام بالتكاليف الشرعية وهي تحمد إذا استجابت لأمر الله، وتذم إن تنكبت الصراط السوي، كما قال عز وجل ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَاب ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
14- وقد كانت المرأة في المجتمع الجاهلي العربي قبل الإسلام محرومة من كثير من حقوقها، وعرضة للظلم والضيم تؤكل حقوقها وتبتز أموالها، وتحرم الإرث، وتعضل بعد الطلاق - أو وفاة الزوج - من أن تنكح زوجاً ترضاه، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بالمعروف ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وكانت تورث كما يورث المتاع أو الدابة، فقال الله عز وجل ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ﴾ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وكانت تمسك ضراراً للاعتداء والإيذاء، فقال الله تعالى ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وكانت تلاقي من بعلها نشوزاً و إعراضاً، وتترك في بعض الأحيان كالمعلقة، فقال تعالى ﴿ فَلاَ تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
كما كان كثير من العرب يتشاءمون بميلاد الأنثى، كما حكى الله عنهم في قوله جل شأنه ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ. يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فـِي التُّرَابِ أَلاَ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
15- فجاء الإسلام ليهدم ذلك كله، ويقرر أن النساء شقائق الرجال، ويقرر المساواة بينهما في أصل الخلق وفي نسبتهما البشرية، فليس لأحدهما من مقومات الإنسانية أكثر مما للآخر، ولا فضل لأحدهما على الآخر بسبب عنصره الإنساني وخلقه الأول، فالناس جميعاً ينحدرون من أب واحد وأم واحدة، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ويقرر الإسلام أن جنس الرجال وجنس النساء من جوهر واحد وعنصر واحد هو التراب، قال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ... ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وهذه النفس الواحدة كانت كفيلة لو أدركتها البشرية أن توفر عليها تلك الأخطار الأليمة التي تردت إليها، وهي تتصور في المرأة شتى التصورات السخيفة وتراها منبع الرجس والنجاسة وأصل الشر والبلاء، وهي من النفس الأولى فطرة وطبعاً، خلقهـا الله لتكون لها زوجاً، وليبث منهما رجالاً ونساء، فلا فارق في الأصل والفطرة، إنما الفارق في الاستعداد والوظيفة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فقد سما القرآن بالمرأة حتى جعلها بعضاً من الرجل، فكلاهما يكمل الآخر، ولا يستقيم أمر الدنيا إلا بهذه الطبيعة المزدوجة، وهذا التداخل الوثيق[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
16- والمرأة كالرجل كذلك من حيث أصل التكاليف الشرعية، ومن حيث الثواب والعقاب والجزاء على العمل في الدنيا والآخرة، قال تعالى ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال عز وجل ﴿ مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال سبحانه ﴿ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وقال – عز من قائل – ﴿ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
والمرأة مشمولة بالنصوص الآمرة بأداء فرائض الإسلام وأركانه، كالأمر بأداء الصلاة وصيام شهر رمضان وحج بيت الله تعالى، وهي مشمولة كذلك بالنصوص الناهية، كالنهي عن الزنى والسرقة، فهي أمام تقف نفس موقف الرجل أمام تعاليم الإسلام ، قال تعالى ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِيـنَ وَالصَّادِقَـاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
أما في جانب المسؤولية عن المجتمع واستقامته، فنجد أن الإسلام قد جعل من المرأة قرينة للرجل، ففي جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والطاعة لله ولرسوله، يجعل الإسلام المسؤولية مشتركة بين الرجل والمرأة، قال تعالى ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
17- وقد سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في الحقوق المدنية بمختلف أنواعها، لا فرق في ذلك بين وضعها قبل الزواج وبعده.
فقبل الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية المستقلة عن شخصية ولي أمرها، فإن كانت بالغة يحق لها أن تتعاقد وتتحمل الالتزامات، وتملك العقار والمنقول، وتتصرف فيما تملك، ولا يحق لوليها أن يتصرف في أملاكها إلا بإذنها، كما يحق لها أن توكل وأن تفسخ الوكالة، فالإسلام جعل للمرأة الحق في مباشرة العقود المدنية من بيع وشراء، وأباح لها أن تضمن غيرها، وأن يضمنها غيرها -على نحو ما أبيح للرجال في كل هذه التصرفات، ولا نعلم أحداً من فقهاء الإسلام رأى أن النصوص الواردة في التصرفات المالية خاصة بالرجل دون المرأة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
18- وبعد الزواج يكون للمرأة شخصيتها المدنية الكاملة، فلا تفقد اسمها ولا أهليتها في التعاقد، ولا حقها في التملك، فتحتفظ باسمها واسم أسرتها، وبكامل حقوقها المدنية، وبأهليتها في تحمل الالتزامات، وإجراء مختلف العقود من بيع وشراء ورهن وهبة ووصية وما إلى ذلك، محتفظة بحقها في التملك تملكاً مستقلاً عن غيرها فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة وثروتها الخاصة وذمتها المالية وهي في هذا كله مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
19- أما الحقوق العامة فقد ساوى الإسلام فيها أيضاً بين الرجل والمرأة، فجعل طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة، وكان على زوجات النبي صلى الله عليه وسلم مسؤولية في أمر التعلم والتعليم ونقل العلم الشرعي لأفراد الأمة، قال تعالى مخاطباً لهن ﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ولا يزال التاريخ الإسلامي حافلاً بنماذج مشرقة من نساء المؤمنين ممن أصبحن عالمات معلمات للخير على مر العصور الإسلامية.
وكذلك حق العمل، فقد سوى الإسلام بين الرجل والمرأة في حق العمل، فأباح للمرأة أن تضطلع بالوظائف والأعمال المشروعة التي تحسن أداءها ولا تتنافى مع طبيعتها.
ولم يقيد هذا الحق إلا بما يحفظ للمرأة كرامتها، وينأى بها عن كل ما يتنافى مع الخلق الكريم، فاشترط أن تؤدي عملها في وقار وحشمة، وفي صورة بعيدة عن مظان الفتنة، وألا يكون من شأن هذا العمل أن يؤدي إلى ضرر اجتماعي أو خلقي أو يعوقها عن أداء واجباتها الأخرى نحو زوجها وأولادها وبيتها أو يكلفها ما لا طاقة لها به وألا تخرج في زينتها، وأن تستر أعضاء جسمها، ولا تختلط بالرجال،ولا تخلو برجل- غير محرم لها- بسبب أدائها لعملها [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
20- وقد خفض الإسلام للمرأة جناح الرحمة والرعاية في أمر الأعباء المالية، فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها عن التبذل، ويحميها من عناء الكدح في الحياة فأعفاها من كافة أعباء المعيشة، وألقاها على كاهل الرجل.
فما دامت المرأة غير متزوجة فنفقتها واجبة على أصولها أو أقاربها الوارثين لها، فإن لم يكن لها قريب قادر على الإنفاق عليها، فنفقتها واجبة على بيت المال.
وأما في مرحلة الزواج، فقد أعفيت المرأة من أعباء المعيشة ويلزم الزوج نفقتها، دون أن تكلف أي عبء في نفقات الأسرة مهما كانت موسرة.
وإذا انفصمت عرى الزوجية يتحمل الزوج وحده جميع الآثار المالية الناتجة عن ذلك فعليه مؤخر صداق زوجته، وعليه نفقتها مادامت في العدة، وعليه نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم، وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك.
• • • •
الفصل الثاني: ميراث المرأة وميراث الرجل
المبحث الأول
ميراث المرأة في المناهج الوضعية
أولاً: عند الرومان
21- إن المرأة عند الرومان كانت تساوي الرجل في الإرث فيما تأخذه من التركة مهما كانت درجتها، أما الزوجة فلم تكن ترث من زوجها المتوفى، فالزوجية عندهم لم تكن سبباً من أسباب الإرث، حتى لا ينتقل الميراث إلى أسرة أخرى، إذ كان الميراث عندهم يقوم على استبقاء الثروة في العائلات وحفظها من التفتت، ولو ماتت الأم فميراثها الذي ورثته من أبيها يعود إلى أخوتها، ولا يرثها أبناؤها ولو ترك الميت أولاداً ذكوراً وإناثاً ورثوه بالتساوي، يشاركهم في ذلك أولاد البنت أو الإبن الذين مات والده أو أمه في حياة المورث، فيأخذون ما كان يأخذه أبوهم لو كان حياً ، ولو لم يترك ولداً وإنما ترك أصولاً وأخوةً أشقاء ورثوه جميعاً، أما غير الأشقاء فلا يشاركون الأصول والإناث في ذلك كالذكور، حيث تشارك الأخوات الشقيقات الأصول، بخلاف الأخوات لأب والأخوات لأم، ويقسم المال بين الجدود والجدات، والأخوة الأشقاء والأخوات الشقيقات بالتساوي، وإذا لم يترك إلا أقارب أبعد درجة في القرابة من الأخوة والأخوات ورثه الأقرب منهم فالأقرب [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ثانياً: عند العرب في الجاهلية
22- نستطيع القول إن العرب في الجاهلي، لم يكن لهم نظام إرث مستقل أو خاص بهم، إنما ساروا على نهج بعض الأمم الشرقية التي جاوروها، فالميراث عندهم خاص بالذكور القادرين على حمل السلاح والذود دون النساء والأطفال، ذلك لأنهم أهل غارا ت وحروب، بل أكثر من ذلك كانوا يرثون النساء كرها،بأن يأتي الوارث ويلقي ثوبه على أرملة أبيه ثم يقول: ورثتها كما ورثت مال أبي، فإذا أراد أن يتزوجها تزوجها بدون مهر، أو زوّجها من أراد وتسلم مهرها ممن يتزوجها أو حجر عليها لا يزوجها ولا يتزوجها، فمنعت الشريعة الإسلامية هذا الظلم حين نزل قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُواْ النِّسَاء كَرْهًا وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ}[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي حالات قليلة كان منهم من يورث الإناث ويسويهن بالذكور في النصيب كما هو الحال عند قدماء المصريين والرومانيين، ومنهم من يحجب البنات بالأبناء وأبناء الأبناء، ويحجب الأصول والحواشيى بالبنات وأولاده[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ثالثاً: الميراث في الشيوعية
23- إن الشيوعية تنكر بالجملة حق الإرث، وترى أن قانون الميراث مخالف لأسس الشيوعية التي تقوم أصلاً على أساس أن الناس يولدون متساوين، وعلى أساس منع الملكية الخاصة منعاً باتاً تحت ذريعة منع تكدس المال بأيدي فئة قليلة من الناس على حساب الباقين.
ولا شك أن الشيوعية بهذه النظرة تخالف الطبيعة البشرية، وتتنكر للرغبات والنوازع الإنسانية، فضلاً عن مخالفتها لكل الشرائع السماوية.
وفي ادعاء الشيوعية تكدس المال بأيدي قلة قليلة من الناس تجاهل واضح للدوافع الحيوية والنوازع الفطرية في حب التملك، لان الفرد يأتي بغاية ما يستطيع حين يعمل للأسرة وينظر إلى توريث أبنائه، ولا يكتفي من العمل بأدنى حدود الكفاية، وهذا في مصلحة العمل، وهو ربح للحياة الإنسانية كلها، وليس بالربح المقصور على الورثة والمورثين [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
رابعاً: فى القانون الفرنسي
24- بما أن القانون الفرنسي من أشهر القوانين الوضعية الحديثة، ويعتبر مصدراً رئيساً لمعظم القوانين في الدول الأخرى، فيمكننا أن نعده نموذج للقوانين الوضعية، وبعد الدراسة لهذا القانون والإطلاع على ما يتعلق بالمرأة وميراثها تبين لنا الحقائق التالية:
أ- إن الذينيستحقون الإرث في هذا القانون أربع درجات
• الدرجة الأولى: هم الورثة الشرعيون ونعني بذلك الأقارب، والأولاد من عقد الزواج الصحيح.
• الدرجة الثانية: هم الأولاد الناتجين عن غير زواج صحيح.• الدرجة الثالثة: وهم الزوجة والزوج.• الدرجة الرابعة: وهى (الدولة).
ب- إنه لا يرث أحد من الدرجة الثانية إلا عند فقد الدرجة الأولى وهكذا باقي الدرجات.
ج- إن الورثة الشرعيين يرثون عقب وفاة المورث دون توقف على حكم القضاء لهم بالإرث، أما الأولاد الطبيعيين والزوج والزوجة فلا يرثون إلا بعد حكم القضاء لهم بالإرث.
د- إن الورثة من الأقارب ثلاثة أصناف هم (الفروع)ثم (الأصول)ثم الحواشي (الأخوة والأعمام )أما الفروع فيرثون الآباء والأمهات والجدود والجدات وغيرهم من الأصول، للأنثى مثل حظ الذكر، ومن يموت من الأولاد قبل مورثه يحل بنوه أو حفدته محله بنصيبه فقط.
هـ - والقاعدة في توريث الأصول والحواشي أن التركة تقسم بينهم إلى قسمين:
• قسم يعطى لمن يدلي إلى الميت من جهة الأب.
•وقسم يعطى لمن يدلى إلى الميت من جهة الأم.ولا يرث الأصول غير الأب والأم إلا عند فقد الفروع والحواشي، وتقسم التركة بينهم إلى قسمين، قسم للأصول الذكور، وقسم للإناث، ويراعى في استحقاقهم القرب والبعد، فيحجب الأقرب منهم الأبعد.
وأما الأب والأم فتقسم التركة بينهما، فإن كان هناك أخوةوأخوات مع الأبوين قسمت التركة إلى قسمين:
• قسم للأب والأم مناصفة.
• وقسم للأخوة والأخوات.
وإذا لم يوجد إلا أب أو أم أخذ نصيبه منقسمهما وأعطي الباقي للأخوة والأخوات يقسم بينهم بالتساوي إذا كانوا أشقاء،وإلا قسم إلى قسمين:
• قسم يعطى لمن تكون قرابته للميت من جهة الأب.
• وقسم يعطى لمن تكون قرابته من جهة الأم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
• • • • •
المبحث الثاني
ميراث المرأة في الإسلام
25- جعل الإسلام نصيب الذكور في الميراث أكبر من نصيب نظيراتهم من الإناث في عدة أحوال، فللذكر مثل حظ الأنثيين، من الأولاد والإخوة والأخوات، كما قال تعالى (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن)[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الله عز وجل ﴿ وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْن ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وللزوجة من زوجها المتوفى نصف نصيب الزوج من تركة زوجته المتوفاة.
قال تعالى ﴿ وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُـمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْن ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، ونصيب الأب من تركة ولده يبلغ أحياناً مثلي نصيب الأم أو أكثر من ذلك، ولا ينقص عنه بأي حال.
26- وقد دأبت المؤتمرات الدولية على تناول موضوع مساواة المرأة بالرجل في حق الميراث، واعتبار عدم المساواة من باب التمييز ضد المرأة، ولمز لأحكام الشريعة الإسلامية في هذا الموضوع، حيث يطالبون - باسم المساواة وباسم القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة – بالتسوية بين المرأة والرجل في جميع الحالات معتبرين أن في الآيات الكريمة التي ذكرناها ما يكرس مبدأ التمييز والجور بالنسبة إلى نصيب المرأة من تركة الوالدين إذ الولد يرث ضعفي ما ترثه البنت، والأخ يرث ضعف ما ترثه الأخت، والزوج يرث ضعف ما ترثه الزوجة، وهكذا.
ومن أقوالهم في ذلك – على سبيل المثال:
(إن قضية الإرث – ونصيب المرأة منه نصف نصيب الرجل - لهو بلا شك سبب مهم بالنسبة لدونية المرأة العربية المسلمة )و (إن حكم الوراثة في الإسلام هو حكم الدونية الشرعية للمرأة )[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
27- وإن هذه الأقوال تمثل دليلاً على عدم تفهم خصوصية التصور الإسلامي في هذا الشأن، وإن في الأحكام القطعية التي ورد بها الإسلام ضمانة كبيرة لتحقيق مصلحة المرأة في الميراث، كما أنها تتجاهل تاريخ المرأة في الحضارات والشرائع السابقة على الإسلام.
ويمكن بيان حقيقة موقف الإسلام من ميراث المرأة من خلال أمرين:
الأمر الأول: أن هذه القاعدة ليست مضطردة
28- فكما أن هناك حالات ترث المرأة فيها النصف من نصيب الرجل، فإن هناك حالات ترث فيها المرأة مثل الرجل، وهناك حالات ترث فيها المرأة أكثر من الرجل، بل يوجد حالات ترث فيها المرأة ولا يرث نظيرها الرجل وقد قام بعض العلماء والباحثين بتتبع أحكام ميراث المرأة ليوضحوا لنا هذه الحالات، وورد النص صراحة على ذلك في القرآن الكريم بالنسبة لميراث الأخوة لأم ﴿ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ ﴾ [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فهذه الآية ظاهرة الدلالة على تساوي حظ المرأة مع الرجل، إن كانت الأخوة من جهة الأم، وقد أجمع العلماء على أن الإخوة فيها عني بها الإخوة للأم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]، وإذا ضاقت التركة بحيث يرث الأخوة لأم ولا يرث الأخ الشقيق وفقاً لقواعد التعصيب، فإنه يشترك مع الإخوة لأم ويأخذ مثل نصيبهم إناثاً كانوا أم ذكوراً، وهو ما يعرف في الفقه بالمسألة المشتركة.
كما أن هناك عشرات الأمثلة التي تأخذ فيها المرأة مثل الرجل أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث نظيرها من الرجال، في مقابل أربع حالات محددة ترث فيها المرأة نصف الرجل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
الأمر الثانى: بيان الحكمة من كون نصيب المراة على النصف من نصيب الرجل
29- إن نصيب الذكور والإناث من الأولاد في الميراث حق مفروض بنص القرآن الكريم وقد بني على علاقة صلة الرحم بين الوالدين والأقربين، وقد جعل نصيب الرجل من الإرث على الضعف من نصاب المرأة في عدة حالات، على أساس المهام بين أعباء الرجل المالية في الحياة العائلية، وبين أعباء المرأة، وهذا الأمر لا يعني التقليل أو التمييز بين الرجل والمرأة، أو الانتقاص من حقوق المرأة [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فالرجل مكلف شرعاً بالإنفاق على أمه وأبيه، وأخته وأخيه - إن كانوا معسرين -قال تعالى ﴿ يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وفي السنة النبوية: اليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول وخير الصدقة عن ظهر غني ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
إذاً فالمرأة هي المنفق عليها بنتاً أو أماً، أختاً أو زوجة، مطلقة أو أرملة.
وهى تأخذ نصيبها من الميراث دون أدنى مشاركة ولا أدنى مسؤولية مالية، لمجرد الحيطة التي يتوخاها الإسلام لها، خشية أن يؤول أمرها إلى الترمل وفقد الزوج والأب، فكأن هذا القدر المالي بالنسبة لها نوع من الاحتياط لنوائب الدهر [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
وقال الإمام النووي في بيان الحكمة من تفضيل الرجال على النساء في الإرث: حكمته، أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة في القيام على العيال، والضيفان، والأرقاء، والقاصدين، ومواساة السائلين، وتحمل الغرامات، وغير ذلك، والله أعلم [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
30- فقد بني الاختلاف بين نصيب المرأة ونصيب الرجل في الميراث على أساس الاختلاف بين أعباء الرجل المالية في الحياة وأعباء المرأة، فمسؤولية الرجل في الحياة من الناحية المادية أوسع كثيراً من مسؤولية المرأة.
فالرجل رب الأسرة وهو القوّام عليها، والمكلف بالإنفاق على جميع أفرادها، أما المرأة فليست مكلفة حتى بالإنفاق على نفسها، فكان من العدل أن يكون حظ الرجل من الميراث أكبر من حظ المرأة، حتى يكون له في ذلك ما يعينه على القيام بهذه التكاليف المادية التي ألزمه الإسلام بها، وقد أعطى الإسلام المرأة نصف نصيب نظيرها من الرجال في الميراث مع إعفائه إياها من أعباء المعيشة، ولذلك لو لم يكن للوارثين إلا ما يرثونه من أمواتهم، لكانت أموال النساء - دائماً - أكثر من أموال الرجال [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
فميراث البنت في الشريعة الإسلامية لم يقصد لذاته، بل هو مرتب على نظام الزواج فيها، وهو كعملية الطرح بعد عملية الجمع لإخراج النتيجة صحيحة من العمليتين معاً.
فإذا وجب للمرأة أن تأخذ من ناحية، وجب عليها أن تدع من ناحية أخرى تقابلها، وهذا الدين يقوم - في أساسه – على تربية أخلاقية عالية ينشئ بها طباعاً أخرى، فهو يربأ بالرجل أن يطمع في مال المرأة أو يكون عالة عليها، فمن ثم أوجب عليه أن يمهرها، وأن ينفق عليها وعلى أولادها.
ثم هناك حكمة سامية، وهي أن المرأة لا تدع نصف حقها في الميراث لأخيها يفضلها به - بعد الأصل الذي نبهنا إليه - إلا لتعينه بهذا العمل في البناء الاجتماعي، إذ تترك ما تتركه على أنه لامرأة أخرى هي زوج أخيها، فتكون قد أعانت أخاها على القيام بواجبه للأمة، وأسدت للأمة عملاً آخر أسمى منه بتيسير زواج امرأة من النساء [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
أقوال الغربيين المنصفين في ميراث المرأة:
31- مما نطق به بعض العلماء والباحثين في الغرب أن الإسلام (كان ذا تأثير عظيم في وضع المرأة في الشرق، فهو قد رفع حال المرأة الاجتماعية وشأنها رفعاً عظيماً بدلاً من خفضها، فالقرآن قد منح المرأة حقوقاً إرثية بأحسن مما في قوانيننا الأوربية، ومبادئ المواريث التي نص عليها القرآن على جانب عظيم من العدل والإنصاف.... ويظهر من المقابلة بينها وبين الحقوق الفرنسية والإنكليزية، أن الشريعة الإسلامية منحت الزوجات حقوقاً في المواريث لا نجد مثلها في قوانيننا....)
فالقرآن رفع شأن المرأة بدلاً من خفضه، فجعل حصة البنت في الميراث تعدل نصف حصة أخيها، مع أن البنات كنّ لا يرثن في زمن الجاهلية، وهو وإن جعل الرجال قوامين على النساء، إلا أنه بين أن للمرأة حق الرعاية والحماية على زوجها وأراد ألا تكون الأيامى جزء من ميراث رب الأسرة، فأوجب أن يأخذن ما يحتجن إليه لمدة سنة، وأن يقبضن مهورهن، وأن ينلن نصيباً في أموال المتوفى [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
ومنهم من اعترف بخطأ الغرب في تقدير رؤية الإسلام لميراث المرأة، فقال: (ما أكبر خطأ العالم في تقدير نظريات النبي فيما يتعلق بالنساء...... فلا تقف تعاليم النبي عند حدود العموميات، فقد وضع قانوناً لوراثة النساء، وهو قانون أكثر عدلاً، وأوسع حرية من ناحية الاستقلال الذي يمنحها إياه القانون المسيحي الإنكليزي – الذي كان معمولاً به إلى ما قبل نحو عشرين سنة، فما وضعه الإسلام للمرأة يعتبر قانوناً نموذجياً، فقد تكفل بحمايتهن في كل ما يملكنه عن أقاربهن، وإخوانهن، وأزواجهن )[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط].
• • • • •
الفصل الثالث: تعدد الزوجات
المبحث الأول
تعد الزوجات قبل الإسلام
32- في القوانين القديمة نجد تقرير لظاهرة تعدد الزوجات، فقد أجاز قانون (مانو (الهندي الزواج من امرأة ثانية، ولكنه اشترط على الرجل أن يحصل على موافقة زوجته إذا كانت هذه الزوجة فاضلة حميدة السيرة